نقف اليوم أمام رواية أحداثها شبه حقيقة من كونٍ موازٍ وتاريخ بديل، رواية رودهام: ماذا لو لم تتزوج هيلاري من بيل، يتضح من عنوان الرواية للكاتبة كورتيس سيتينفيلد سؤالها البسيط.. ماذا إذا لم تتزوج هيلاري رودهام كلينتون من بيل كلينتون ودخلت عالم السياسة كامرأة عزباء؟ حسنًا قد تظن أن هذا لن يغير الكثير، إلا أنه قد يكون السبب في تَغير التاريخ السياسي للألفية التي نعيشها!
هيلاري كلينتون: هي زوجة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون. سياسية أمريكية معروفة شغلت عدد مناصب رسمية أهمها وزيرة الخارجية الأمريكية. وقد ترشحت للرئاسة في الانتخابات الأخيرة.
يعلم الجميع بكثافة الحياة الدرامية التي عاشتها هيلاري كلينتون مع زوجها بيل، منذ مواعدته لها في كلية الحقوق عام 1971 وحتى إلحاحه عليها لتقبل عرضه بالزواج ورفضها، حتى زواجهم عام 1975، قد حاولت هيلاري أن تسير مجرى روايتنا وألا تجعل زواج بيل يؤثر على مستقبلها الوظيفي، حتى أنها في حفل زفافهم طالبت الاحتفاظ باسم: هيلاري رودهام بدلًا من هيلاري كلينتون، كي تظل حياتهما السياسية منفصلة بقدر الإمكان.
ولكن سرعان ما تفقد هيلاري رودهام تمسكها بلقبها، لتصبح في عام 1982، وبعد فوز بيل كلينتون بمحافظة أركنساس، سيدة أركنساس الأولى هيلاري كلينتون وتستمر حياتها الشخصية في التماهي مع عالم السياسة، وعندما يصبح كلينتون مرشحًا لامعًا للحزب الديموقراطي عام 1992، تنشر صحف المحافظين صورًا له مع مغنية أركنساس جينيفر فلاورز لتشعل الخيانة بين الزوجين، إلى أن تظهر كلينتون مع زوجها في برنامج 60 دقيقة على قناة السي بي إس لترد على هذه الإشاعات معه، ويرى العديد من المحللين أن هذا الظهور لهم معًا كان السبب الرئيسي في نجاح حملته الانتخابية.
تستمر هيلاري كلينتون كسيدة الولايات المتحدة الأولى بعد فوز زوجها عام 1993 بالانتخابات الأمريكية، وتصبح سيدة مكتب الجناح الغربي في البيت الأبيض وساهمت كذلك في اختيار العديد من مناصب البيت الأبيض، لتصبح “مستشارة الرئيس في الخفاء” كما وُصفت. لم تترك المشاكل العاطفية الشخصية حياة بيل وهيلاري السياسية، فضلًا عن اعتراض اليمين على منصب سيدة الولايات المتحدة ذو السيادة، في عام 1998 أصبحت علاقة الرئيس الأمريكي بيل كلينتون مع مونيكا لوينسكي، موظفة البيت الأبيض، أهم حديثٍ في الولايات المتحدة الأمريكية.
صُدق على الفضيحة، وأقال مجلس النواب بيل كلينتون، وفي النهاية وقفت كلينتون لجانب زوجها لتقول إن ما حدث نتاج مؤامرة سياسية حضر لها اليمين السياسي.
تقول الكاتبة: ماذا لو لم يحدث كل هذا؟!، وتفترض في روايتها رودهام تاريخا بديلاً لشخصية هيلاري كلينتون.
ليست هذه التجربة الأولى للكاتبة الأمريكية كورتيس سيتينفيلد – Curtis Sittenfeld مع التاريخ البديل، كتبت حياة بديلة منذ 10 أعوام وكانت كذلك للسيدة الأمريكية الأولى لورا بوش، أثارت روايتها تلك جدلًا لا يقل عن جدل روايتها التي بين أيدينا. رودهام في الرواية لا تختلف عن رودهام الحقيقة: تعيش في نفس الضاحية، تلتحق بويلسي وبكلية الحقوق، تواعد نفس الرجل، وهنا يتغير كل شيء عندما تقول له: لا.
تتبع سيتينفيلد في فصولها الأولى من الرواية الحياة العميقة لهيلاري وعلاقتها المبكرة مع بيل، وممارستهما الجنسية المستديمة، وفي الواقع قد تعمقت سيتينفيلد كثيرًا في تتبع أسلوب بيل الجنسي وجعلته يأخذ صفحاتٍ من روايتها تصف فيه الحدث الجنسي بينه وبين هيلاري، ما جعل العديد من الصحفيين يتهمونها بالكتابة الجنسية ليس إلا. عندما سُألت سيتينفيلد في مقابلة صحفية على شبكة npr عن كتابتها حيال السلوك الجنسي لبيل، قالت:
“حسنًا، أحد الأسباب التي تجعلني أحب الخيال هو أنني أشعر أنه يكشف أن الناس معقدون للغاية، ونفس الشخص الذي قد يكون ذو سمات جذابة، يمكن أن يكون له سمات فظيعة كذلك”.
- محاكاة حياة رودهام.
جعلت سيتينفيلد من هيلاري امرأة حديدة لا يعطلها شيء، تحاول سيتينفيلد في فصولها الأولى القول لنا أن بيل كان مسؤولًا عن كل تأخيرٍ وعقبة عاشتها هيلاري في زي السيدة الأولى، ومن دونه تقضي رودهام ليلها في حمام من النايلون، تشرب الشاي، وتراجع قائمة مهامها للغد كسيدة ناجحة في عالم السياسة لا يعطلها شيء. برعت سيتينفيلد في محاكاة حياة رودهام، ليس فقط قرارتها الحازمة وقوتها، لكن كذلك خطابتها التي لم تقلها، حاكت سيتينفيلد اسلوب كلينتون بدقة خارقة، من الواضح أنها أحسنت دراستها.
- عقبة أن تكوني سيدة في عالم السياسة.
يأخذ بيل إذًا مكان بيرني ساندرز، الديموقراطي الأمريكي الذي أراد أن يحل محل كلينتون في تمثيل الحزب الديموقراطي، ليعطل مسألة كان يجب أن تكون محسومة: وهي أن تمثل هيلاري الحزب الديموقراطي. إلا أن بيل سيكون منافسًا شرسًا أكثر من ساندرز، فهو يتمتع بالعديد من المعجبين، خصوصًا الشباب محبي التكنولوجيا والحداثة، بالإضافة إلى كاريزما وبريق متوج بنجاح أعماله ويزداد الأمر صعوبة بعد أن تثار إشاعات حيال تحرش هيلاري بموظفة صغيرة.
ينجح شباب التكنولوجيا، ومحبي بيل، في أن ينشروا المزيد من الشائعات حيال هيلاري، ويزرعون في أنفسهم كراهية عمياء لها، ولكن هيلاري تظل تلك المرأة القوية الصامدة، وتدخل في حربها الجديدة مع الجمهور.
من كان السبب إذًا؟ هل كان بيل هو السبب في كونه عقبة ثقيلة في حياة هيلاري؟ أم كانت سيكولوجيا الجماهير ضعيفة العقل التي تتأثر بأي إشاعة؟ لا تخبرنا سيتينفيلد بإجابة هذا السؤال حتى الفصل الأخير من روايتها. وعلى كلٍ فهي رحلة مثيرة في أعماق أحد أكثر النساء تأثيرًا في العالم الحديث ونحو عالمٍ بديل.
تعليقات
إرسال تعليق