القائمة الرئيسية

الصفحات

كيف تتحكم في بيئة عملك كمدير؟ - ملخص كتاب استئصال اللامبالاة والسلبية من بيئة العمل الإدارية



لا شك أن من أكبر المشكلات التي تواجه المديرين في بيئة العمل هي انتشار السلبية والتراجع في الأداء والعمل بلا روح من قبل موظفيهم، وهذه المشكلة تؤرق المديرين وتصيبهم بالإحباط، وتؤثر أيضًا في الإنتاجية، يناقش هاري إي تشامبرز هذه المشكلة، ويعرض مسببات هذا العَرض، ويقدم علاجًا فوريًّا لكل مسبب كي نستطيع التخلص من السلبية في البيئة الإدارية.

  • لمن هذا الكتاب ؟
للمهتمين بفن الإدارة والقيادة.
للباحثين عن بيئة عمل صحية.
للمتطلعين لإنشاء شركات جديدة.
لمديري الشركات والبيئات الإدارية الكبيرة والصغيرة.

  • معلومات عن المؤلف:
هاري إي تشامبرز: كاتب ورئيس شركة التدريب والاستشارات بأطلنطا.
ألف العديد من الكتب في علوم الإدارة والقيادة.

  • طبيعة الحياة الإدارية:
إن البعض ينظر إلى الحياة اليومية بتفاصيلها الصغيرة على أنها صعبة، لكن ماذا تقول عن الحياة الإدارية إذا كنت مديرًا؟ عندما تتولى منصبًا إداريًّا، فأنت لا تكون مسئولًا عن نفسك فقط بل عن الآخرين أيضًا، فالإدارة مهنة ذات تحديات مستحيلة، واتجاهاتك هي التي تحدد ارتفاعاتك، إذ إن الاتجاه الإيجابي يعلو بك إلى الآفاق والاتجاه السلبي يأخذك إلى الأعماق، وعليك دائمًا أن تختار السلوك الذي تواجه به قائمة التحديات الكثيرة التي تواجهك وتواجه شركتك بوصفك مديرًا.
ومن أكثر التحديات التي تواجه المديرين والمسئولين: انهيار رابطة الولاء بين الموظفين والشركة، وزيادة تكاليف الموارد البشرية وانطفاء الحماس داخل الموظفين والعمل دون هدف أو رغبة حقيقية، وانخفاض الروح المعنوية وسيطرة مشاعر المنافسة والصراع، وشيوع السلبية واللامبالاة في بيئة العمل.
إذًا؛ كيف تواجه - إذا كنت مسئولًا - هذه الظروف الضاغطة في ظل تقلبات الأسواق التي لا ترحم؟ يقول هاري إي تشامبرز إن إدارة الأشياء أسهل وأبسط بكثير من إدارة الأشخاص، وإدارة الآخرين تكون أسهل من إدارة الذات، لذلك تتطلب إدارة الأشخاص مزيجًا متكاملًا من المشاعر الإيجابية والمعرفة العلمية والأخلاق الشخصية.
ولكن يندر أن يتوفَّر هذا التكامل بين معظم المديرين، إذ تفترض الإدارة العليا أن الموظف الكفء يستحق التقدير بالترقية، والمؤهلات التي تدفع إلى الترقي معظمها مؤهلات فنية وعلمية، ولكن عندما يتم دفع هذا الموظف المنتج إلى صفوف الإدارة، فإننا نفقد موظفًا كفئًا أكثر مما نكسب مديرًا محنكًا، لأن مهنة الإدارة ترتكز على مؤهلات مفقودة لدى ذلك الموظف أكثر مما ترتكز على مؤهلات موجودة لديه.

  • مرض عصري جديد!
إذا نظرنا داخل البيئة الإدارية نجد أن الموظفين يتهمون الإدارة بأنها تدفعهم إلى السلوك السلبي دفعًا، وتتهم الإدارة الموظفين بأنهم يتسببون بتصرفاتهم السلبية في الإضرار بالعمل، ويعتقد كل طرف أن المسئولية تقع بأكملها على عاتق الطرف الآخر، لكن الحقيقة أن المسئولية تقع على عاتق الطرفين معًا، فإذا سألنا أي مدير عن متاعب مهنته، فأكثر من 80% من الحالات ستجيب بأن أكبر مشكلة تواجههم هي سلبية الموظفين وانخفاض إنتاجيتهم.

وتظهر السلبية في أشكال مختلفة منها: الإهمال وربما التخريب وتصعيد الصراعات والأحقاد، وانخفاض الروح المعنوية وقيم التعاون وانخفاض مستويات الأداء والإنتاجية والجودة، والشلل التنظيمي والعجز عن قيادة التغيير.
إن سلبية الموظفين بكل أشكالها ما هي إلا أعراض لأمراض أخرى، وأنها ليست المرض الحقيقي، وجذور وأسباب هذا المرض وثيقة الصلة بظروف العصر ووتيرة الحياة التي نعيشها.

  • اهتزاز الثقة بالنفس وأثرها:
هناك بعض الأمور في شخصيات الموظفين تجعلهم سلبيين في تعاملاتهم وحياتهم، منها: اهتزاز الثقة بالنفس، حيث توصل علماء النفس إلى أنه من بين كل 3 أفراد هناك واحد فقط يتمتع بالثقة بالنفس، وهذا يعني أن ثلثي الموظفين لا يتمتعون بالثقة في أنفسهم، فما تأثير ذلك في الشركة وفي أداء هؤلاء الموظفين؟

من المتوقع أنه إذا ظن الموظف أنه لا يستطيع رفع الأداء أو الجودة، فمن المؤكد أنه لن يفعل، والعكس صحيح، فإذا اعتقد أنه قادر على شيء فإنه سينجزه لا محالة، وهذا ما يسمى "تحقيق توقعات الذات"، فنحن ننجح عندما نعتقد أننا ناجحون، ونفشل عندما نعتقد أننا فاشلون.
ويكون العلاج الفوري لهذه المشكلة أن تتعامل كمدير بحذر مع كل ما يتعلق بنفوس الموظفين، ولكن أيضًا لا تهدر وقتك في هذا بحيث يخل ذلك بأدائك لمهمتك الأساسية، وأيضًا تستطيع أن تستخدم المديح، ولكن يكون بشروط كثيرة منها: أن يتم المديح بينك وبين الموظف وليس أمام الجميع، حتى لا تهتز مصداقيتك أمام الجميع.

وإذا لم تجد ما تمدح الموظف عليه، فانظر إلى سماته الشخصية، فيمكنك أن تجد في أسوأ الموظفين سمات طيبة مثل: الأمانة أو الصدق أو الوفاء، فحاول اكتشافها واجعلها مدخلًا للمديح، وأن تربط المديح بالمواقف الإيجابية في العمل وليس بالحياة الشخصية للموظف، وأن تكلف الشخص السلبي بالعمل الذي يحبه بحيث تحفزه على استعادة ثقته بنفسه.

  • النميمة والشك:
تعدُّ النميمة أحد الأمور التي تنتشر في بيئات العمل والتي تجعلهم سلبيين، لقد أصبحت الغيبة والنميمة من الممارسات اليومية في العمل، وأصبح المدير يعلم أن عددًا من الموظفين يغتابونه دون أن يرى في ذلك أي ذلة أو إهانة، فلم يعد النقد مقتصرًا على الأفكار والتصرفات، بل تخطى ذلك إلى ذم الشخصية وتسفيه الأخلاق.

وتزداد الغيبة والنميمة إذا عُين مدير جديد، وإذا كان أصغر من الموظفين سنًّا أو في سنوات الخدمة في الشركة، وإذا كان المدير سيدة. والعلاج السريع لذلك من وجهة نظر الكاتب يتمثل في نشر ثقافة المصارحة ومحاربة الشللية في الشركة، حيث يتم توزيع المهام في شكل فرق عمل متداخلة وعدم تقييد كل موظف بعمل مستقل، وأن يتم التركيز على الأفعال وليس الأشخاص، وتجنب الخوض في بحر الشائعات التي تلاحق الشخصيات.

ومن ضمن الأمور المؤثرة في سلبية الموظف أيضًا الريبة، فلقد تلاشى الاحترام الذي كنا نقدمه للطبيب والمهندس والمدير، فلم نعد نثق بالآخرين أو نأمن لهم، وأصبحت أحكامنا السلبية أكثر سرعة، ويتم معالجة ذلك عن طريق تجنب اللوم، إذ إن الموظفين السلبيين عند لومهم يزدادون سلبية، فمن الأفضل أن تتوقف عن اللوم وتوحي للموظف بأنك تثق به، وأنك أقرب إلى مدحه من ذمه.

  • أثر الصراع والتغيير في سلبية الموظفين:
يعدُّ أحد أهم وأخطر العوامل المؤثرة في سلبية الموظفين الصراع، وهناك نوعان من الصراع؛ صراع مفيد وصراع ضار، الأول يكون في صالح العمل والأطراف المتصارعة، وتحركه دوافع التميز وإثبات الذات، أما الثاني فيضر العمل والعاملين، ودافعه الأساسي الانتقام والانتصار على الآخرين وليس على الذات.

وللتخفيف من وطأة الصراعات وتأثيرها يجب علينا إشاعة قدر من المرح والألفة في جو العمل مثل الاحتفال في المناسبات والرحلات الجماعية ووجبات الغداء الجماعي، وتحقيق العدالة الكاملة أو الاعتراف بقصور معايير الأداء، فقد تكون معايير الأداء ملائمة لبعض الموظفين دون غيرهم، وإذا لم تكن لديك حلول حاسمة لتذليل العقبات وتحقيق تكافؤ الفرص، عليك أن تعترف بقصور معايير الأداء، وتذكر أن مسئولية إزالة العقبات والعوائق تقع على الإدارة لا الموظف، ويجب ألا تفترض أن على الموظف أن يعمل في ظروف أسوأ من زملائه ليثبت نفسه.

ومن العوامل المؤثرة في سلبية الموظفين وانحدار أدائهم التغييرُ، فقد أدركت الشركات أن أساليب العمل والتكنولوجيا التي أثبتت فعاليتها بالأمس لم تعد كافية للنجاح اليوم، وستصبح معوقة في الغد، فأصبحت إدارة التغيير أو التطوير الموضوع ذا الأهمية القصوى لدى الشركات، ولكن عندما يرفض الموظفون هذا التغيير ويميلون إلى الأساليب القديمة ونفس مستويات الأداء والجودة المتدنية، يجد المدير نفسه في مأزق حقيقي، فهناك مديرون يكفون عن تنفيذ تغييرات ضرورية لا لشيء إلا لأن الموظفين يرفضونها.

  • استراتيجية الحلول الجذرية:
عرضنا فيما سبق الحلول السريعة والفورية للأعراض المختلفة، وهناك بعض الحلول الجذرية التي تهدف إلى تحصين الشركة ووقايتها من شرور السلبية بوضع نظام محكم للتعامل معها، وأول هذه الحلول الجذرية هو اختبار الموظف قبل التعيين، إذ تعد أفضل طريقة لتجنب الموظفين السلبيين هي عدم تعيينهم، ويمكن تنفيذ ذلك بملاحظاتهم والإشراف عليهم خلال فترة الاختبار، على أن يتم تعريضهم لمواقف جادة لقياس درجة إيجابياتهم.

أيضًا من ضمن الحلول النقل؛ أي على المدير تقييم مهارات الموظف وإمكاناته بموضوعية، لتحديد القسم الذي يمكن نقله إليه ليتخلص من السلبية التي اكتسبها في موقعه الحالي، ولكن لا بدَّ أن يكون الموقع الجديد الذي ينقل فيه الموظف موجودًا بالفعل وليس وهميًّا، وأن تكون احتمالات النجاح في المنصب الجديد أكثر من السابق. أيضًا التدخل السريع فيجب التعامل مع السلبية قبل استفحالها، فمن الصعب القضاء عليها إذا أصبحت عادة. فكلما واجهت المشكلة بسرعة، استطعت أن تتعامل مع مجموعة أقل من الأحداث، مما يزيد فرص نجاحك.

ومن الحلول الجذرية التي تساعد على القضاء على السلبية في العمل التوثيق والمقابلة، فالتوثيق أمر مهم وضروري للغاية إذا كانت الأوضاع تهدد بالتفاقم والتصاعد، ويتم ذلك عن طريق العناصر الآتية: الحادث ونتائجه والإجراءات التي اتخذتها للمعالجة ورد فعل الموظف والتوابع السلبية المحتملة، لكن يجب التركيز على السلوك المادي فقط دون الخوض في النوايا والدوافع النفسية.

أما المقابلة فهي أن تقابل الموظف في مكتبك، وأن تسأله دون تحيز ودون اتهام وتنصت إليه، وأن تخبره برأيك في سلوكه ولا تتطرق إلى نواياه، وعليك إعلامه بتأثير هذا السلوك في زملائه، ثم ذكره بحقك في معارضة سلوكه، ولا بدَّ من عرض وجهة نظرك في حل المشكلة، واطلب منه التعليق، ورد على تعليقاته وناقشه فيها لتصلا إلى حل، وحاول أن تضع جدولًا زمنيًّا للحل وعلامات متفق عليها لقياس الأداء، وبعدها إما أن يصحح أسلوبه وإما أن يستمر عليه وإذا استمر عليه، فقابله مرة أخرى وذكره بالمقابلة الأولى، وحذره من طريقة تعاملك في المرة المقبلة.

  • خطوات في سبيل الحفاظ على بيئة بلا سلبية:
بعد أن تقوم بمقابلة ودية مع موظفك السلبي وتنبيهه إلى ما لا يرضيك من أفعاله والاتفاق على ألا يعود إلى تلك الأفعال مرة ثانية، وتأخذ منه الوعود ثم يعود إليها متعمدًا فلا يكون هناك مفر من المواجهة، فعند تلك النقطة فإن المقابلات لا تغني عن المواجهات الحاسمة أمام الجميع، ولكنها تتطلب الاستعداد النفسي والإيجابية من المدير، ولهذا السبب يتراجع عنها الكثير من المديرين.

وهناك نوعان من المواجهة، الأول: المواجهة غير الفعالة، حيث يكون التركيز فيها على ردع الموظف وإلقاء اللوم عليه، دون أن تتاح له فرصة المناقشة وتعلم السلوك الصحيح، والنوع الثاني: المواجهة الفعَّالة والتي تتم على مراحل منها: ملاحظة السلوك السلبي والاستفسار عنه، وإزالة سوء الفهم وشرح السلوك وعواقبه للموظف، واقتراح السلوك الإيجابي وكيف يمكن للموظف أن يؤديه.

وإذا لم تأتِ المواجهة الفعالة بالنتيجة المطلوبة؛ فإنه يتم اللجوء إلى التحذير ولفت النظر، وليكون لفت النظر فعالًا إليك بعض النصائح: لا بدَّ أن تكون عباراتك حازمة تمامًا، ويجب أن تبدأ كلامك سواء أكان شفويًّا أم تحريريًّا بأفعال النهي والتحذير، مع حذف كل ما قد يوحي بالتردد في العقاب، وكن واضحًا في توقيتات السماح أو التخلص من المشكلة جذريًّا، ووضح بالضبط ما تريد استئصاله، ولا تفرط في ذكر الإجراءات التي ستتخذها إذا لم يستجب الموظف، بل اتركها لتقديراتك اللاحقة، وتأكد من تسلم الموظف لنسخته من المذكرة التحذيرية.

بعد التحذير إذا لم يرتدع الموظف ويرجع عن أفعاله وسلبيته، فلا بدَّ من الاتجاه إلى الإيقاف، إذ إنه إذا بدا واضحًا رفض الموظف لتصحيح سلوكه، فعليك أن تلجأ إلى الإيقاف، والهدف منه هو إعطاء العامل هدنة قصيرة من جو العمل للتفكير في تعديل موقفه، فإذا لم يتغير بعد الإيقاف فلا مفر من الفصل، وإذا اضطررت لذلك عليك بالآتي: استنفاد كل الأساليب السابقة وعدم أي بديل سوى الفصل، وعدم التفوُّه بألفاظ استفزازية أو غير لائقة، بل أعرب عن أسفك على وصول الأوضاع إلى هذا الحد، والتعبير عن ثقتك بقدرته على النجاح في شركة أخرى، وجعل إدارة الموارد البشرية تقوم بكل الأعمال الورقية دون أي تدخل منك.

  • وختامًا:
إن من الأمور التي تؤثر في سلبية الموظفين وفي أدائهم الأنانية، إذ يميل بعض الأشخاص إلى اتخاذ مواقف معادية من كل ما يمكن أن يهدد صالحهم الشخصي، وعلى استعداد أن يضربوا عرض الحائط بكل اعتبارات العدالة والكفاءة، فإذا أحس الموظف أن مصلحته الشخصية تتعارض مع مصلحة الشركة، فلن يتردد في وضع مصلحته في المقام الأول، ولتخطي تأثير الأنانية، لا بدَّ من توسيع قاعدة مشاركة الموظفين في اتخاذ القرار، وتعميم معايير الأداء واللوائح على الكل دون استثناء وألا تتعامل مع المشكلات الشخصية، استمع ولكن لا تقدم أكثر من النصح، وأن تعلن توقعاتك للأداء والجودة للجميع.

قد نكون نحن أيضًا سلبيين، ومن العدل أن نزيل كل المعوقات من طريق الآخرين قبل أن نتهمهم بالتقصير، فبعض الموظفين يحتاجون إلى الملكة والمهارات والمعارف اللازمة لإنجاز الأعمال المنوطة بهم، فمثل هؤلاء الموظفين لا بدَّ أن تمكنهم قبل أن تصرخ في وجوههم، وأن تساعدهم قبل أن تطلب المساعدة منهم.


تعليقات