في بداية الكتاب، يبدأ عالم الاجتماع البولندي زيجمونت باومان، كعادته في كتبه التي تتمحور موضوعاتها حول فكرة السيولة والتميع، في شرح أبعاد عنوان كتابه، فيتكلم عن بدايات النظرة الفلسفية الإنسانية تجاه الشر بالعموم، وكيف أنه ومنذ آلاف السنين قد ظهرت رؤيتان متعاكستان متضادتان لتفسيره وتبريره.
الرؤية الأولى: وهي الرؤية الدينية، والتي يناقش باومان النظرة المسيحية المتفرعة عنها، وهي تلك التي تعتقد أن الشر في الحياة الدنيا مجرد نقيصة أو خطأ يمكن الاستغناء عنها.
أما وجهة النظر الأخرى: فهي وجهة النظر المانوية، والتي ينتسب معتنقوها إلى الحكيم الفارسي الشهير ماني، وبحسب ذلك التوجه فإن كلاً من الخير والشر يمثلان واقعين متوازيين ومتصارعين على الدوام.
بعد ذلك العرض التاريخي المبسط لفكرة الشر، يقفز باومان قفزة واسعة لينقل القارئ إلى العالم المعاصر، وليشرح ما يقصده من وراء استخدامه لعنوان الكتاب "الشر السائل"، فيقول:
"ماذا يعني مفهوم الشر السائل؟ كيف يمكن فهمه على أحسن وجه اليوم، عندما تتألف ظواهر كثيرة من سمات وخصائص متعارضة؟ فالشر السائل يرتدي ثوب الخير والحب، على العكس مما يمكن أن نسمّيه الشر الصلب القائم على رؤية اجتماعية ترى الأمور من خلال لونين الأبيض والأسود، حيث يمكننا بسهولة تحديد ماهية الشر في واقعنا الاجتماعي والسياسي. بل إن الشر السائل يستعرض نفسه كأنه تقدم الحياة المحايد والمتجرد من الأهواء، وكأنه السرعة غير المسبوقة للحياة والتغير الاجتماعي بما ينطوي عليه من نسيان وفقدان للذاكرة الأخلاقية. كما أن الشر السائل يرتدي عباءة غياب البدائل وامتناعها، ويصبح المواطن مستهلكاً، ويخفي الحياد القيمي حقيقة الانسحاب".
ويحاول باومان أن يقرب فكرته إلى القراء، عندما يستشهد بما كتبه الروائي الشهير البريطاني جورج أورويل في روايته ذائعة الصيت "1984"، والتي ظهر فيها الشر متجسداً في السلطة الديكتاتورية، والتي قدمت نفسها إلى الجماهير تحت مسمى الأخ الأكبر، وذلك لإظهار حبها لهم ولكسب تعاطفهم وودهم.
ويفرق عالم الاجتماع البولندي ما بين نوعين من الشر، الأول وهو الشر الجامد الصلب الذي تم صياغته دائماً في الكلاسيكيات الأدبية والروائية، والتي تقف رواية "فاوست" لمؤلفها الألماني غوته في الطليعة منها، وما بين الشر السائل المتميع الذي ينتشر بصور متعددة في العالم المعاصر.
بحسب باومان، فإن النوع الأول كان يسعى – ببساطة - إلى قلب النظام الاجتماعي الأخلاقي السائد وإبطال شرعيته. أما النمط الثاني فإن هدفه الرئيس يتمثل في تجريد الإنسانية من أحلامها ومشروعاتها البديلة ومن قوى الرفض والممانعة وتقبل الامتثال والخضوع للمفاهيم والقيم السائدة والمستقرة.
- بداية نهاية الخصوصية:
ويستشهد باومان على صدق مقالته، بما كتبته سارة إيجو في كتابها المعنون "بداية نهاية الخصوصية"، عندما تذكر أن العديد من عناوين الكتب الشهيرة التي ظهرت في المجتمع الأميركي في السنوات الأخيرة تتوافق مع الميل لكشف الأسرار الشخصية. ومن أهم تلك الكتب "نهاية الخصوصية"، "استراق النظر"، "الجمهور العاري"، "لا ملاذ"، "الخصوصية في خطر"، "الطريق إلى الأخ الكبير"، "أمة واحدة تحت المراقبة"، و"أنا أعرف من تكون وأرى ما تفعل".
ومن هنا فإن العالم البولندي الراحل، يرى أن العصر الذي كانت فيه حاجة ملحة لوجود أجهزة استخبارات تنقب عن المعلومات الشخصية الخاصة بالأفراد قد انتهى إلى غير رجعة، وأن عالم اليوم قد أضحى فيه كل شخص يتحين الفرصة لعرض كافة تفاصيل حياته على الفيس بوك.
أحد أهم الأعراض المرتبطة بسيولة الشر، هي مسألة التخبط الأخلاقي، والتي يسميها المؤلفان باسم "العمى الأخلاقي"، ففي عالم تسيطر عليه قيم أحادية راسخة مفروضة من قبل الدولة، صار الأفراد لا يستطيعون تقديم حلول مختلفة عن الحلول المفروضة عليهم، وصار أي نزوع للتفكير الأخلاقي خارج الصندوق يقابل بمنتهى العنف والرفض من قبل السلطات البيروقراطية.
كل ذلك التسلّط غير المرئي وغير المادي، يسمّيه باومان باسم "النزعة الشمولية الناعمة"، وهي تلك التي تمارس فيها السلطة أشد أنواع الرقابة والتحكم على الأفراد، من دون أن تشعرهم بذلك، بل على العكس، فإنهم يسارعون دوماً لمراقبة أنفسهم وتقديم جميع المعلومات الخاصة بهم إلى السلطة بكل أريحية؛ ويلاحظ المؤلفان أن العديد من مظاهر التحرر والاستقلالية الشائعة في المجتمعات الغربية، إنما هي في حقيقة الأمر أشكال شتى من المراقبة المحكمة، من ذلك جلسات الاعتراف، وحلقات الاستشفاء لمرضى السرطان ومرضى نقص المناعة، وحلقات تلفزيون الواقع التي يخرج فيها بعض الأفراد ليمارسوا حياتهم الطبيعية على مسمع ومرأى من ملايين المتابعين الشغوفين بالتعرف على الأسرار والتفاصيل الدقيقة لحياة من يتابعونهم.
من هنا يقرر المؤلفان بأن "مجتمع الإنترنت هو مجتمع يستحوذ عليه الخوف، وصار مكاناً مثالياً لكل ما يتعلق بصناعة الخوف والإثارة الممنهجة للذعر والهلع، إنه يبرز ويكشف صعود التكنوقراطية المرتدية قناع الديموقراطية. وفي الوقت نفسه، فإن مجتمع الإنترنت والمجال العام يغذيان تلك المكونات الضرورية للتكنوقراطية ويرعانها باعتبارها أداتية ومنفصلة عن القيمة في كل تجلّياتها".
ومن النقاط المهمة التي يذهب باومان، إلى كونها في الحقيقة، نتاجاً منطقياً لعصر الحداثة السائلة الذي نعيش فيه حالياً، هي تلك النقطة المتعلقة بالاهتمام الأخلاقي.
ويرى المؤلفان أن العالم اليوم أصبح لا يهتم بالقيم الإنسانية المشتركة، بالقدر الذي يهتم بالمصلحة البراغماتية فحسب، فالعالم المتحضر في أميركا وأوروبا، صار لا ينشغل على الاطلاق بأية مشكلة تحدث في دول العالم الثالث في أفريقيا أو آسيا، وصارت أخبار المعاناة الإنسانية والمجاعات والأوبئة لا تحتل مساحات واسعة في النشرات الإخبارية الغربية، وذلك لأن تلك المناطق في العالم لا تمثل قيمة ومنفعة كبيرة للعالم المتحضر، ومن هنا فإن باومان يطلق على الواقع، مسمى "الحياة عديمة القيمة"، ويتساءل بقلق، كم عدد الضحايا التي نحتاجها حتى نفيق ونهتم بالآخر؟ هل بالفعل صرنا نتعامل مع القيم الإنسانية، بالمبدأ الذي يقول "إن موت شخص واحد إنما هو مأساة، وأما موت ملايين الناس فهو عملية إحصائية".
- من أين بدأ كل ذلك الشر السائل؟
في القرون القليلة التي أعقبت هذا الصلح، تم تهميش البعد المذهبي والديني داخل القارة البيضاء، حيث حلّت محلهما نزعة قومية، وفرضت الدول سيطرتها على مواطنيها، وسادت الفكرة التي تدعو لأن تكون الشعوب على أديان ملوكها. وبذلك تم التمهيد لظهور مفهوم الأمة الذي أخذ شيئاً فشيئاً يحلّ محلّ الدين في الفضاء العام، كما حلّ محلّه في المجال الأخلاقي والقيمي.
ومع ظهور الولايات المتحدة الأميركية من جهة والاتحاد السوفياتي من جهة أخرى، تم التأكيد على شرعية الأمة، وصار كل من القوتين نموذجين مهمين للكيفية التي تفرض بها الدولة سيادتها وسطوتها على مواطنيها، مستغلةً في ذلك مجموعة كبيرة من القوانين والإرشادات والمفاهيم التي تنبثق من الاحتكام إلى أيديولوجية بعينها، والتي قد تكون ليبرالية ديموقراطية في حالة أو شيوعية بيروقراطية في حالة أخرى.
يرى باومان أن كلاً من المعسكرين المتنافسين كان يطمح إلى تحقيق السيطرة على العالم بأسره، ولكن حالة التوازن التي كانت قائمة كانت تمنع من انفراد أحدهما بالسطوة المطلقة بشكل كامل.ومن هنا فإن عالم الاجتماع البولندي يؤكد على أن سقوط جدار برلين، كان اللحظة المفصلية الأهم في الاندفاع نحو عالم الحداثة السائلة بكل تجلّياته ومفرداته، التي يمثل الشر أحدها.
فسقوط ذلك الجدار "فتح أراضي كانت محظورة أمام شبح الليبرالية الجديدة، وأوحى بفكرة نهاية التاريخ وانتشارها على طريقة فرانسيس فوكوياما... وهكذا فإن المنتصر، شبح الليبرالية الجديدة، وجد نفسه وحيداً في كوكب الأرض، من دون تحدٍ، ومن دون اضطرار إلى بذل جهد كبير في السيطرة على بدائله، أو احتوائها أو تغييرها، تلك البدائل التي لا تظهر بوضوح إلا بغيابها الوشيك".
إذن فإن باومان يبني جميع تصوراته عن الشر السائل، منطلقاً من فكرة اللا بديل، والتي يرى أنها تسببت في استحداث ميكانيزمات كبرى من العمليات الإجرائية التي تختلف في المضمون والمغزى بشكل كبير عن الشكل الظاهري. فالسياسة برّمتها من وجهة نظر باومان، لا تمثل إلا أحد التجلّيات الظاهرية لسيولة العصر الحاضر، ومن هنا فهو لا يتعجب من فقدان الناس للاهتمام بالانتخابات والجدل السياسي، لأنهم يعتقدون ببساطة بأنه يجري التلاعب بهم في لعبة حمقاء، "حيث يعي الجميع أن الساسة يتظاهرون بأنهم يحكمون، بينما أصحاب السلطة الاقتصادية يتظاهرون بأنهم حكام، وحتى تكتمل اللعبة فإن الناس يدفعون أنفسهم مرة كل بضع سنين إلى لجان الانتخابات، ويتظاهرون بأنهم مواطنون".
إذن يعتقد باومان أن كل ما يحيط بنا من إجراءات تنظيمية، ما هو إلا مظاهر خادعة ليس أكثر، وإن سياسة اللا بديل تظل تجثم على نفوس البشر، وتفرض عليهم خطوات معينة لا فكاك عنها ولا سبيل لاختيار غيرها، وذلك أن الواقع القائم هو الذي يمسك في نهاية المطاف بأفكارنا وأفعالنا في قبضته الفولاذية، "عندما يرسم حدوداً صارمة حول خيالنا، ويضع حدوداً لإرادتنا، وهو يفعل ذلك بتقسيم خياراتنا إلى خيارات معقولة وأخرى خيالية، بل إنه أيضاً يحط من قدر خياراتنا ويمحوها عندما يتعلق الأمر برؤى البدائل للوضع القائم وعزمنا على تحقيقها".
ويلفت باومان نظر القراء إلى أن ذلك الواقع الصعب الذي نعيش فيه، قد نتج عنه نوع من أنواع الحنين الدائم والمتواصل إلى الماضي، وهو ما يظهر بشكل واضح في الكثير من التعبيرات اللغوية التي يشيع استخدامها حالياً، ومنها على سبيل المثال "ليس الأمر كما كان في سالف الزمان"، "اختفى هذا أو ذاك"، "ونفتقد إلى هذا أو ذاك".
- كيف تسلل الشر السائل إلى مفهوم الحب؟
يؤكد باومان، من خلال طرح هذا التساؤل، أن ذلك الحب لن يتحقق إلا بعد أن يتأكد الفرد من احترام وحب جيرانه له أولاً، فالحب هنا لا يمكن أن ننظر له على كونه قيمة مجردة، بل إنه في الحقيقة مصلحة ومنفعة تبادلية، ولا يمكن أن يتحول هذا الأمر الديني الأخلاقي إلى واقع عملي وملموس إلا بعد أن يأخذ شكله التبادلي.
من هنا يصل الكاتب إلى نقطة مهمة، ألا وهي أن ضرورة حدوث (تبادلية أخلاقية)، تستوجب في الوقت ذاته حدوث حالة من (المساواة).
فكما يقول باومان إن المساواة في الاحترام والحب هي المفتاح المناسب لفتح أبواب العلاقات الإنسانية بين الناس وبعضهم البعض، كما أنها – أي المساواة - هي (أصل الأديان كلها).
ولكن باومان لا يرى أن المساواة تطبق في عالم اليوم بشكل منضبط، ونظرة واحدة سريعة إلى ملايين اللاجئين المطرودين من بلاد المجاعات والحروب الأهلية والفقر والمرض، تكشف أنهم في حقيقة الأمر مطرودون من نواتج العولمة والحداثة، وأن بلادهم التي تجري فيها كل أحداث العنف والدمار ليست سوى بلاد قادمة حديثاً إلى (عصر الحداثة السائلة) بكل ما يحتويه هذا العصر من تفلت أخلاقي وقيمي مريع.
بعد ذلك يتعرض باومان للعلاقة ما بين الأخلاق والمجتمع، فيؤكد أن طبيعة المجتمع من حيث كونه شكلاً من أشكال التجمع البشري، قد أدت إلى بروز وسيطرة إرادة جمعية معينة هيمنت وطغت على الإرادات الفردية.
- عندما فتحت الحداثة صندوق بندورا:
يرى باومان أن الحداثة السائلة قد فتحت صندوق بندورا الذي كان مغلقاً، وأن المخاوف التي تسرّبت منه قد توغلت في نفوسنا بشكل عميق، فإنسان اليوم يعتريه قلق مبهم ناحية كل ما هو مستقبلي، ورغم أن الخوف من المجهول عادة متجذرة في الوجدان الجمعي الإنساني منذ آلاف الأعوام، إلا إنها لم تصل أبدا إلى المدى الذي وصلت إليه اليوم.
يشرح المؤلف ذلك بقوله (إن الأرض التي يفترض أن يقف عليها مستقبلنا، إنما هي أرض رخوة بكل تأكيد، تماماً مثل وظائفنا والشركات التي تعرضها، وشركاء حياتنا وشبكات أصدقائنا، ومكانتنا في المجتمع ككل، وما يصاحبها من احترام للذات وثقة بالنفس).
الوعد الدائم بالتقدم والرقي، ذلك الوعد الذي بشّرت به الحداثة في صورتها الجديدة السائلة، كان من المفترض ان يحمل مشاعر الطمأنينة والسكينة للناس، ولكنه بدلاً من ذلك دفعهم دفعاً إلى التطاحن والتصارع والسباق المحموم مع بعضهم البعض، بغية اللحاق بأحد المقاعد الشاغرة في لعبة الكراسي الموسيقية المستمرة.
المشكلة الرئيسة هي أن الأفراد المشاركين - رغماً عنهم - في لعبة الكراسي الموسيقية، لم يعد بوسعهم الخروج من اللعبة، أو تغيير قواعدها وأحكامها وتنظيماتها، هم فقط يلهثون في السباق عاجزين عن السيطرة عليه أو تغييره.
يرصد باومان ظاهرة مهمة، وهي تلك التي يسمّيها بـ(إضافة الأقفال)، فلما كان إنسان اليوم لا يستطيع الخروج من السباق، ولا يستطيع أن يأمن من شر وخطر المنافسة مع غيره من المتسابقين، فإنه قام بتركيب عدد من الأقفال على الأبواب التي يخشى من المجهول المختبئ خلفها.
فاجتناب التدخين من الممكن أن يحميك من خطر الإصابة بمرض السرطان، والتقليل من تناول الوجبات الجاهزة السريعة يخفض من مخاطر الإصابة بمرض تصلّب الشرايين والسمنة. وعلى نفس الخطى يحمي الأثرياء منازلهم وأملاكهم وثرواتهم من عيون المتلصصين وأياديهم عبر فرق متخصصة في مكافحة السرقة. المشكلة أن كل تلك الأقفال تولّد شعوراً متزايداً بالاضطراب والتوتر، وتمنع من الاستمتاع الكامل بالمقدرات التي يحوزها الأفراد، وتجعل العالم يبدو أكثر إثارة للهلع والفزع والخوف.
ومن هنا تحدث بعض الظواهر المركبة المتناقضة، فشركات الحراسة والسيارات المصفحة مثلاً هي أكثر الجهات التي تستفيد بتخويف الناس من اللصوص والمجرمين، وشركات السجائر اعتادت على أن تصدر إعلاناتها بتحذيرات للمدخنين من خطورة استخدام منتجاتها وأثرها السلبي على صحتهم.
حتى الدول والأنظمة السياسية صارت تعتمد في مشروعيتها على نجاحها في استثمار مخاوف الأفراد من المجهول. فكل نظام يعمل على التسويق والترويج لنفسه، عبر استدعاء الصور المظلمة المنتشرة في الدول الأخرى الأقل تحضراً ومدنية، تلك الصور التي تتسم بالفوضى والارتباك والوحشية، في محاولة من تلك الأنظمة لإجبار الأفراد على تأييد مشاريعهم والتصويت لهم في المحافل الانتخابية.
عصر الحداثة السائلة، الذي نشهده حالياً في الدول الغربية، تنتقل آثاره وظواهره بشكل سريع إلى المجتمعات والدول الفقيرة في أفريقيا وآسيا، وذلك بعد أن صدرت مجتمعات الحداثة السائلة نظرية الخوف إلى مثيلاتها المسكينة.
فالخوف من التخلف والخوف من الدخول في دوامة النسيان، هو الذي دفع الكثير من الدول الأفريقية - كناميبيا التي يستشهد بها باومان في كتابه- للتخلي عن نمط الاقتصاد الزراعي الريفي، والتحول إلى نمط صناعي مدني، من دون تخطيط ومن دون مراعاة لبنية وهوية المجتمع، وهو ما تمخض في النهاية عن فشل ذريع. ففي القرية التي كانت معقل الاقتصاد الناميبي تدهور الاقتصاد الزراعي، في نفس الوقت الذي لم يتحسن فيه الاقتصاد الصناعي والعمراني في العاصمة ويندهوك.
- الخاتمة:
تعليقات
إرسال تعليق