القائمة الرئيسية

الصفحات

15 وسيلة لبناء عقلية واثقة | ملخص كتاب هل أنت جيد بما يكفي؟ - بيل ماكفارلان وأليكس يلوليز



هذه أسماء، وبالمناسبة هي ربة منزل جيدة، أسماء متزوجة وسعيدة في عملها، وفي حياتها بشكل عام؛ لكنها واقعة في صراع مع الطعام، وقلقة دائمًا.. تسأل دائمًا: ماذا سآكل؟ وبأي مقدار؟ ومتى؟ ما عدد السعرات التي لا بد أن يكون في الطعام؟ وما النسبة التي ستزيد وزني، وما النسبة المناسبة؟ وغيرها من الأسئلة التي تدور مؤخرًا في ذهنها، وتستنزف طاقتها وتحرمها متعة تناول الطعام، بل تحرمها فرحة الحياة ذاتها.

هذه الصراعات تزيد في داخل أسماء مع صور النساء الرشيقات في التلفزيون والمجلات، أو الإعلانات التي تظهِر لها أنها تستطيع تقلل وزنها دون بذل جهد لو اشترت المنتج الخاص بهم، أو جنون الدايت الذي أصبح بأشكال مختلفة، تدور كلها حول فكرة واحدة، وهي أنك تستطيع أن تفقد وزنك بوسيلة سريعة وسهلة وخالية من أي تعقيد.

لكن السؤال المهم في قصة أسماء: لماذا تأكل بهذا الشكل؟
ببساطة، لكي تشعر بالراحة، تستخدم الطعام وسيلة لتغيير شعورها ورفع حالتها المعنوية بسرعة.. هل تنجح هذه الطريقة؟
تنجح لفترة قصيرة من الوقت، ثم تشعر بالضيق لأنها أكلت زيادة ولأن وزنها يزداد، وتدخل نفسها في دائرة مفرغة؛ عندما سألنا أسماء عن سبب صراعها مع الطعام أجابت بأنها تريد أن تشعر أن حالتها أفضل وأكثر سعادة بشكل عام.

لكن هذا ليس السبب الحقيقي.
الحقيقة هي أنها تحاول أن تشبع جوعها العاطفي؛ الجوع والفراغ العاطفي اللذان حدثا بسبب عدم رضاها عن نفسها، وعدم وجود علاقة حب مشبعة مع زوجها، وبالتالي فإن تقييمها لنفسها ينبع من وزنها وجاذبيتها، وليس من داخلها، وبالتالي فإن أي تذبذب في مظهرها الخارجي يؤثر في صحتها النفسية ،والسؤال هنا، كيف نقيم أنفسنا؟ أنا وأنت وأسماء وأي إنسان تاني.

  • كيف نقيم أنفسنا؟
ببساطة، نحن نقيم أنفسنا بناءً على إحساسنا الداخلي بقيمتنا، لأن إحساسنا الداخلي بقيمة أنفسنا يؤثر في اختياراتنا، وفي نظراتنا للحياة، وعلى آرائنا في أنفسنا، ومواقفنا من الآخرين؛ البعض منا يضعون لأنفسهم تقييمًا منخفضًا جدًّا، لدرجة أنهم يعتقدون أنهم غير جيدين بما فيه الكفاية لعيش الحياة، يعيشون الحياة وعندهم إحساس داخلي عميق أنهم بلا قيمة، ويتمنون ألا يكتشف أحد بشاعة شعورهم من الداخل.

حتى إن كان الشخص ناجحًا في عمله وله مكانة كبيرة بين الناس، هذا النجاح لن يغطي على شعوره بعدم الجدارة، والدونية، وعدم الكفاءة، وما لا يلاحظه هذا الشخص أن تقييمه الداخلي لقيمته الشخصية حكم أصدره على نفسه، وليس نظرة الآخرين له واعتقادهم فيه، من الخارج يظهر بمظهر ناجح، لكنه من الداخل يشعر أنه فاشل، وبالتالي فإنه يسعى إلى مزيد من النجاح، ليس مزيدًا من النجاح فحسب، بل إنه مهما أحرز إنجازات فلن يشبع، يريد الوصول إلى نقطة غير موجودة، والحقيقة أنه ما دام لا يشعر أنه جيد بما فيه الكفاية، فلن يرضى أبدًا، ولن يكون إحساسه بقيمة نفسه كافيًا للاسترخاء وعدم شغل نفسه بالأشياء الأخرى التي يقيم نفسه عليها، مثل العمل أو السيارة أو آراء الناس فيه؛ هذه المشكلة يمكن أن تكون جذورها من الطفولة.

  • ختم القبول.
بالنسبة إلى معظم الناس، الإحساس بقيمة الذات يستمد بنسبة كبيرة من الوالدين.
لو أحب الوالدان ابنهم حبًّا غير مشروط لمجرد كونه موجودًا ويعيش بينهم دون أن يطلبوا منه تحقيق شيء كي يقبلوه؟ هذا سيغرس في الطفل جذور التقدير الصحي للذات، وسيحس بقيمة ذاته، وبقيمة ما هو عليه، ولن يكون مضطرًا لأن يبذل مجهودًا مستمرًّا كي يحوز رضاهم وقبولهم، وسيكبر وهو يشعر أنه جيد بما فيه الكفاية.

أنه قادر على أن يحب، وأنه محبوب، وسيستطيع الاستعانة بإحساسه بذاته في مواجهة تحديات الحياة، ولكن للأسف، الآباء لا ينتبهون إلى أنهم يضعون حجر الأساس لرأي ابنهم في نفسه، وبالتالي، فإن الآباء يضعون شروطًا لقبول أبنائهم وحبهم، مثل درجات المدرسة، فمهما فعل الطفل سيظل يشعر بأنه ليس جيدًا بما فيه الكفاية، وأنه لم يحقق ما يكفي من الدرجات حتى يقبله أهله.

ببساطة، لم يحصل على ختم القبول من أهله؛ وبالتالي فإن إحساسه بقيمة نفسه يبنى على العالم الخارجي، كمستقبله المهني وسيارته وسحره الشخصي، كي يعوض حقيقة أنه في أعماق ذاته يشعر بعدم القيمة؛ والسؤال هنا، كيف نبني ثقتنا بأنفسنا؟

خطوات بناء الثقة بالنفس:
  • أول خطوة هي: أن نعرف الناقد الذي بداخلنا.
في حياتنا كثير من الأشخاص المتنمرين، سواء كنا نعرفهم في الماضي أو في الحاضر، صاحب العمل مثلًا، أو صديق، أو أحد الوالدين؛ هذا لمتنمر قد يستغل سلطته ويجعلك تشعر بالخوف والضعف؛ و يجعلك تشعر بالألم والعجز بسبب هجومه عليك.

إلا أن أسوأ ما يمكن أن يفعله المتنمر هو التسفيه من تقديرك لذاتك، وهدم ثقتك في نفسك ببطء، من خلال الاستهزاء بدرجاتك في المدرسة مثلًا، أو ما حققته في عملك، ولن يكتفي بنقدك وإحباطك فقط، بل إن كلامه معك والخبرات التي مررت بها معه ستظل بداخلك على هيئة حوار داخلي يتكرر دون وعي منك، فيهاجمك المتنمر الخارجي من الخارج، والمتنمر الداخلي يذكرك في كل موقف كم أنت قليل أو سيئ أو غير كفٍ، التعرف على الناقد الداخلي والعبارات التي يقولها لك، والتي كنت تسمعها على مر السنين ممن حولك أول خطوة لبناء الثقة.

أما ثاني خطوة فهي:
  • اقتلاع الحشائش الضارة من حياتنا لضمان النمو الصحي.
الأشخاص السيئون مثل الحشائش الضارة، إن لم تتخلص منها أولًا بأول ستشغل مساحة أكبر من قدرها، وستؤثر في باقي النباتات في حديقتك، مثل صديق لو سمحت له بمقدار بوصة في حياتك، فإنه يحتل مترًا كاملًا، وينمو ويتمدد دون اعتبار لباقي النباتات الأخرى أو الأصدقاء ويخنقك ويقيد حركتك، مثل هذا الصديق يجب أن تتخلص منه.

لكن يوجد صديق آخر يحتاج إلى أن تعطيه فرصة، لتراقبه وترى هل سيصبح شخصًا معطاءً ويكون موجودًا وقت الحاجة إليه، أم أنه سيعرفك فقط في وقت المصلحة وبالتالي تتخلص منه هو الآخر.

الأصدقاء يؤثرون في حياتنا بشكل كبير، لذا فالصديق الذي يتطلب وقتًا ومساحة أكثر مما ينبغي يجب علينا وضعه في مساحة أقل، لأن صداقته غير صحية ويحرمنا باقي الأصدقاء.

ننتقل إلى الخطوة الثالثة لبناء الثقة بالنفس وهي:
  • تقدير الذات تقديرًا صحيًّا.
أحيانًا يشعر الشخص أنه مخادع وأن المجهود الذي بذله لتحقيق النجاح في حياته لا يستحق المكافأة، وأنه في أي لحظة قد يكتشف أحدهم خداعه، وبالتالي فإنه سيظل قلقًا من مستواه على الدوام، ومن أنه لا يستطيع فعل أي شيء في أفضل صورة، ويخاف دائمًا من الغد.

ومثلما ذكرنا للأسف يحدث ذلك لأن الشخص في هذه الحالة يستمد تقديره لنفسه من شيء خارج عنه، مثل عمله ومدى إتقانه له؛ وبالتالي فإن أي زوبعة تغير من قيمته وتقديره لنفسه، لأنها ليست في يده، فرأيه في نفسه متدنٍّ ويحكم عليها بقسوة، وبالتالي فهو يشك في عمله وفي قيمته الشخصية، تقديره لذاته غير صحي، ويشعر بأنه غير جيد بما فيه الكفاية.

الشخص في هذه الحالة يحتاج إلى أن يقدر نفسه تقديرًا صحيًّا؛ وهذا التقدير يستمد من شيئين:
1- الأول هو: الإحساس الداخلي بالكفاءة الذاتية، ويولد من قدرة الشخص على التكيف مع تحديات الحياة، بالإضافة إلى امتلاك مجموعة جيدة من مهارات الحياة بشكل كافٍ ومناسب يسع الحياة كلها.
2- والثاني هو: الإحساس بقيمة الذات، وأن الشخص له قيمة وأهمية في الحياة لمجرد كونه موجودًا على قيد الحياة، لا لكونه يفعل شيئًا معينًا.

وبالتالي فإنه غير ملزم بالركض دائمًا خلف تحقيق الإنجازات أو رضا الناس وتقييمهم الإيجابي له حتى يرضى عن نفسه؛ هو مقدر لوجوده، لا لما يفعله، فلو استطاع الشخص أن يجمع بين الكفاءة الذاتية الصحية والإحساس بقيمة الذات، فإن هذا سيجعله يشعر أنه جيد بما فيه الكفاية لخوض الحياة، ولن يكون مضطرًّا للركض خلف الإنجاز حتى يشعر بشعور جيد تجاه نفسه. ولن يحزن أذا أخفق في أي شيء لأنه بذل وسعه.
ببساطة، سيشعر بالرضا والثقة.

أما الخطوة الرابعة لبناء الثقة بالنفس فهي:
  • اختيار قدوة مناسبة.
غالبًا نحن نختار دون وعي أشخاصًا قدوة لنا، حتى نعرف كيف نعيش في هذا العالم المعقد، ونستمد منهم النصائح، سواء كانوا أشخاص عرفناهم في الماضي أو الحاضر، الآباء مثلًا، أو الرياضيين أو شخصيات مؤثرة، إلا أننا نتبنى قيمهم ومعتقداتهم وسلوكياتهم حتى دون قصد، لو أراد الشخص أن يشعر بثقة حقيقية في النفس فمن الضروري أن يختار قدوة مناسبة لحياته، وليس مجرد شخصية مشهورة أو واضحة أو متاحة، لأن القدوة ستساعده على اكتساب القيم الشخصية والأنماط السلوكية ونمط المعيشة التي ستؤكد له على قيمة الحياة بشكل يسمح له بالاستمتاع بها.

عندما يختار الشخص القدوة المناسبة له فإنه يستطيع الانتقال إلى الخطوة الخامسة والأخيرة في رحلة بناء الثقة بالنفس، وهي:
  • إعادة تقييم النفس.
آراؤنا عن نفسنا ورؤيتنا لمن حولنا غالبًا ما تكون قديمة، لأننا كوناها في أثناء الطفولة؛ هذه الآراء قديمة جدًّا وغير دقيقة، أنت لست الطفل الصغير الذي كان يعتمد على أهله، وأي كلمة منهم كفيلة بهدم ثقته بنفسه، أنت شخص بالغ، قادر على أن تتحكم في الرسائل التي تصل إليك وتؤثر فيك، وتفهم أنك يجب ألا تصدق كل ما يقال لك عن نفسك، نظرتك المشوهة التي رسمتها لنفسك، ومعتقداتك السيئة عنها كانت نتاج ظروف محددة، واختلفت هذه الظروف الآن.

تستطيع أن تتعرف على الآراء اللي كونتها وتستطيع رفضها، وطلب إعادة محاكمتها للنظر في صدقها من عدمه، وبناء على الأدلة الجديدة التي ظهرت لك تستطيع أن تقيم آراءك وتحكم عليها بالرفض أو التصديق، وهنا ستستطيع تعديل صورتك السيئة عن نفسك، وإعادة بناء معتقدات جديدة أكثر دقة وقوة، وهذا من شأنه تحسين ثقتك بنفسك وزيادتها.


تعليقات