في واقع الأمر، هو أن الشفاء من أي إدمان يعتمد
اعتمادا أساسياً علي قوة الإرادة، والمدمن إذا ما لجأ إلى قوة الإرادة، قد يخرج من
الإدمان مدة أسبوع أو شهراً وقد تطول المدة عن ذلك، ولكن عاجلاً أم عاجلا، وعندما
تشتد ضغوط الحياة ، تصبح مسألة عودة ذلك المدمن إلى الإدمان من جديد أمرا محتملا،
أو قد ينجح المدمن في التغلب على شكل من أشكال الإدمان باستعمال ˝قوة الإرادة˝
ليجد نفسه أسيرا لنوع آخر من أنواع الإدمان، كما هو الحال عند سالی التي
توقفت عن الشراب، ولكنها استأنفت إساءة استعمال مخدرات الوصفات الطبية؛ أو كما حدث
لهوارد عندما توقف عن إدمان تناول الطعام، ليتحول إلى تعاطي الكوكايين.
سلوكيات سلبية مستمرة مثل الرهان بالمال رغم
معرفة أن الخسارة هي النتيجة الأكيدة، والاستمرار على أمل تدارك ما فات وتعويضه،
أو شرب المخدرات رغم الحالة المادية والصحية السيئة، أو العمل على نحو أكثر من
المطلوب لدرجة الاحتراق النفسي وإهمال الحياة.
بينها أمر مشترك، وهو الجانب القهري، حيث يظهر
الشخص أمام نفسه وكأنه مجبر على تكرار السلوك، وأنه اعتاد عليه أو قد أصبح جزءًا
منه، لكن في الحقيقة هو غير مجبر، هو مدمن.
التعريف بالإدمان:
المدمن لديه: -منظومة معتقدات خاطئة.
- ويقوم بسلوكيات انهزامية، يكون من الصعب عليه التوقف عنها، رغم معرفته
بنتائجها العكسية.
- كما يكون غير قادر على تحمل الإحباطات.
- ونلاحظ افتقاره للمهارات اللازمة للتعامل مع المشكلات المعتادة في
الحياة.
- ودائمًا ما يكون أهم شيء بالنسبة له ... الإشباع الفوري والمباشر
لرغباته.
الإدمان لا يقتصر على الفئات الفقيرة فقط، أو على
أفراد لهم صفات معينة.
لكن الإدمان من الممكن أن يصيب أي حد. جميعنا
عرضة لهذا الوباء.
وباء له أشكال كثيرة، مثل.. إدمان الجنس، أو القمار، أو المخدرات، أو العمل، أو الطعام، أو
الكحول، أو النيكوتين الذي يوجد في أشياء كثيرة منها السجائر.
لو نظرنا لهذا الوباء كمرض، فله خمس عوامل مرض
الإدمان.
العامل الأول: منظومة معتقدات إدمانيه.
مثل:
اعتقادك أن من حقك الاستمتاع كما تريد بغض النظر
عن الأضرار التي تسببها لمن حولك، أو بغض النظر عن إهمالهم.
أو أنك غير كفء وغير قادر على حل مشاكلك.
أو أن هناك أشياء لديها حلول سحرية لمشكلاتك.
أشياء خارج نفسك.. (مثل المخدرات، أو الناس، أو
القمار).
العامل الثاني للإدمان: الشخصية المدمنة.
نتيجة لوجود المعتقدات التي بالأعلى، تبدأ تظهر
بعض السمات أو الصفات الإدمانية في شخصية الإنسان.
مثل: السعي للكمال، السعي للاستحسان والقبول،
الهروب من المشاعر، الحساسية المفرطة للنقد والرفض، العجز عن تحمل الإحباط وخيبة
الأمل، ومشاعر قلة الحيلة، وإهمال الذات، والميل إلى العيش في الخداع الذاتي.
العامل الثالث للإدمان: عدم كفاية المهارات
للتعامل مع المشكلات المعتادة.
نتيجة للحياة المتسارعة التي نعيش فيها، لا نتعلم
سوى القليل جدًا من مهارات حل المشكلات ومواجهتها.
من المهارات التي لم نتعلمها: تحمل الغموض والإحباط،
وتقييم الخيارات، والتواصل المباشر الأمين والصادق، التي تعلمنا التعاون واتخاذ
الإجراءات البناءة.
يعد غياب هذه المهارات دي أحد أسباب اللجوء
للإدمان؛ لأن الإدمان يوفر حلول سريعة بدل حل المشكلات- والذي يحتاج لوقت وجهد.
العامل الرابع للإدمان: وجود احتياجات عاطفية
واجتماعية وروحية غير مُشبَعة.
والتي يسبب غيابها وجود مشاعر سلبية مزمنة وحالات
نفسية سيئة..
والتي تزداد مع افتقادنا لمهارات مواجهة المشكلات
وحلها، وعدم تحمل الفشل والإحباط أو البحث عن مصادر للإشباع.
العامل الخامس للإدمان: الافتقار إلى المساندة
الاجتماعية.
غياب الإحساس بالانتماء لشبكة من شبكات المساندة-
سواء أكانت أسرة صغيرة، أو كبيرة، أو مجتمع، أو جماعة حتى- يزيد من جاذبية الدعم
والراحة التي يقدمها الإدمان.
وتذكر جيدا أن من الأشياء التي يتغذى عليها
الإدمان (الوحدة).
العلامات الرئيسية للإدمان..
للإدمان 4 دلائل أو أعراض أساسية.
تفرق بين الحد المقبول للسلوك/ أو العادة، وبين
الإدمان.
لو اجتمعوا لديك، اعرف أن هناك مشكلة!
دلائل (أو أعراض) الإدمان الأساسية:
الاستحواذ الفكري: عدم امتلاك القدرة على منع النفس من التفكير في الشيء محل الإدمان، أو
منع النفس من التخطيط للحصول عليه.
النتائج السلبية: التي تظهر في العمل أو الدخل المادي أو في العلاقة بالأسرة أو الصحة
النفسية أو الجسدية، وما إلى ذلك.
فقدان السيطرة: فمن أول مرة يدخل فيها الشخص هذا الطريق والمادة أو النشاط الذي يدمنه
هم من يتحكموا فيه، لا العكس.
الإنكار: مع بدء المشاكل في الازدياد بسبب الإدمان والإهمال، يزيد الإنكار
لأمرين..
أن المخدر أو النشاط الذي تمارسه مشكلة صعب
التحكم فيها أو السيطرة عليها.
أن النتائج السلبية التي ظهرت في حياتك سببها
الإدمان.
ومشكلة الإنكار أنه يمنعك من تصحيح المشكلة.
لئلا ترى أن هناك مشكلة أصلًا!
ونتيجة لأن المدمن يعيش مع آخرين، فهو يؤثر على
10 أشخاص تأثير مباشر، وهم من يتفاعل معهم بصورة منتظمة.
والسؤال هنا:
ما الذي يستفيده الشخص من إدمانه/ أو من تعاطي
مغيرات للحالة النفسية- أيًا كانت؟
المغيرات تفي ببعض احتياجات الشخص، أي تقدم له
خدمة، وإلا لن يعاود الرجوع لها.
من هذه الخدمات: الخلاص من العزلة.
لأنها تعمل على تخدير وتغييب الشعور بالوحدة- حتى
ولو مؤقتًا.
لأنها تجعل الشخص يشعر بالانتماء، والمشاركة
الجماعية.
إن لم يكن يشعر أيضًا بالألفة والمودة مع
المدمنين الآخرين.
الابتعاد عن المشاعر والانصراف عنها: حيث ينشغل الشخص بأنشطة وطقوس الإدمان، فلا يشعر بالمشاعر التي بداخله
ولا بالفراغ الذي يسببه الإدمان، كما تعزله عن اليأس وتبعده عنه، وتعزله عن المعنى
العميق لحياته والهدف منها.
اللذة الكاذبة: فيتخلى الشخص المدمن عن اللذة والفرح الحقيقين مقابل لذة مؤقتة يعطيها
له الإدمان؛ يتخلص فيها من وعيه وإحساسه بالزمن.
وهم التحكم والسيطرة.
"الإدمان يعتبر إشارة (للبحث عن القوة في المصادر الخاطئة)".
في الوقت الذي يعاني فيه الشخص من ضعف السيطرة
على حياته وضعف التحكم فيها، توفر له مغيرات الحالة النفسية مشاعر السيطرة
والكفاية والقوة.
أو بمعنى أدق تمنعه من الشعور بالعجز وقلة الحيلة.
كيف يكون لدى الإنسان إرادة لعلاج الإدمان؟
الفشل في التعامل مع الإدمان أساسه ليس المادة
التي يتعاطاها الشخص أو الممارسة التي يقوم بها، فمجرد امتناعه عن هذه الأمور لا
يعني أنه متعاف.
المشكلة الحقيقية هي رغبته في تغيير حالته
النفسية أو التنفيس عما بداخله أو الحصول على لذة، وهو ما يحاول تحقيقه بأي طريقة.
وبالتالي الإرادة للشفاء من الإدمان تبدأ بإحداث
تغييرات داخلية في نفس الشخص وفي الأسلوب الذي يعيش به حياته.
أن يغير الطريقة التي ينظر من خلالها للعالم.
يغير منظومة معتقداته وطرق معالجته للمشكلات.
ويغير طرق إشباعه لاحتياجاته البدنية والعاطفية
والاجتماعية والروحية أيضًا.
حتى لا يخرج من إدمان، ويدخل في إدمان آخر.
والشفاء من الإدمان، يكون على 3 مراحل:
التخلص من الإدمان.
وكما قلنا: تغيير أسلوب الحياة.
أن يبتعد الشخص عن المادة المخدرة ويتعرف على
الإدمان في حياته- في نظرته لنفسه، ومعتقداته، وطريقة اهتمامه بنفسه وعلاقته
بالآخرين-، ويستبدل كل هذا بأمور صحية.
وهو ما يمكن أن يقوم به الشخص من خلال: قطع دائرة الإدمان
والتوقف عن المخدرات أو الأنشطة أو العلاقات التي يقوم بها؛ كي يخدر مشاعره، ولا
يكون هذا بالتوقف المجرد، بل الابتعاد التمام.
ولكي يقوم الشخص بهذا بشكل صحيح، هو بحاجة إلى أن
يعترف أمام نفسه بأنه مدمن، ويعترف بعجزه عن السيطرة على حياته أو التحكم فيها.
بحاجة إلى اختراق الإنكار الذي يجعله لا يرى
الواقع على حقيقته، ويتحمل مسؤولية حياته.
وفوق كل هذا يقبل ذاته كما هي، ويقبل حقيقة
إدمانه.
تجنب المثيرات: لأن القرب منها ستجعل الشخص يصرف طاقته ومجهوده في التعامل مع الأعراض
الناتجة عن الاقتراب من المخدر، وليس تأسيس وبناء شفاء طويل الأجل.
اتخاذ خطوات حقيقية ناحية الشفاء: وهنا يترجم الشخص قراراته لأفعال واقعية محددة، تدور حول إعادة تشكيل
حياته اليومية بشكل جديد يستبعد فيه طقوس الإدمان، ويكسر دائرة الإدمان كلها.
ومن هذا:
- التعرف على شبكة المساندة (الأهل مثلًا أو الأصدقاء أو جمعية من جمعية
المساعدة الذاتية؛ مثل زمالة المدمنين المجهولين) الذين بإمكانهم مساعدته،
وبإمكانه اللجوء لهم لو زادت لديه رغبة الإدمان، كي يسمعوه بدون أن يحكموا عليه،
ويقدموا له المساندة والتشجيع.
- أو يتقاسم سره مع شخص أمين.
- أو أن يطلب مساعدة متخصص.
- أو يبتعد عن أي شيء له علاقة بالمخدر أو تذكره به.
- أو أن يقاطع كل الأشخاص الذين يوفرون له المخدر أو يسهلوا حصوله عليه.
- أو أن ينظم وقته.
- أو يخلق لنفسه حياة مشبعة، تشتمل على الترفيه، والترويح، والهوايات،
والمرح.
الابتعاد عن الإدمان.
الابتعاد يعني أن يستمر الإنسان في بُعده عن
المخدر ويأخذ خطوات فعلية ناحية الشفاء.
لأن مجرد التوقف عن تناول المخدر ليس مرادفًا
للتعافي.
فالشخص بحاجة لأخذ خطواتٍ عكس اتجاه الإدمان، ولا
يظل واقفًا في مكانه؛ لأنه من السهل جدًا الرجوع للعادات القديمة.
= هذه المرحلة من الابتعاد صعبة جدًا؛ لأن من السهل على الإنسان التوقف،
وليس من السهل الاستمرار في التوقف والبناء فوقه.
ف الشخص بحاجة إلى أخذ خطوات إيجابية ومحددة
ناحية الشفاء.
كما أنه بحاجة إلى أن يرحم نفسه؛ حتى يتقبل طبيعة
الإدمان ويتقبل حقيقة أنه من الممكن أن يسعى للرجوع لمغيرات الحالة النفسية
ثانيةً، فلا يجلد نفسه أو يغرق في رثاء الذات.
الرحمة ستساعده على قبول مرضه والتسليم به،
ومعرفة ما يسبب له التوتر والضغوط ويجعله يعود ثانيةً للإدمان/ وهو ما سيغير
غالبًا نظرته للإدمان من: (أنا شخص سيء يتحول للأفضل)، لـ (مريض يتماثل للشفاء).
كما سيساعده على قبول التعثر والتعلم من أخطائه
إن تعثر.
التحسن: وفيه يقوم الشخص بأكثر من شيء:
إدخال مصادر للإشباع الإيجابي في حياته؛ كي يقضي
على البريق الكاذب الناتج عن الحلول السريعة مثل الإدمان ويتغلب على اللذة الوهمية
قصيرة الأجل والارتياح قصير الأمد.
الالتزام بمبادئ إيجابية في حياته؛ مثل الصدق
والأمانة بدلًا من الإنكار والخداع، وتحمل المسؤولية بدل الهروب منها.
ونقل تجربة التعافي لشخص آخر ومساعدته.
بإمكاننا اعتبار كل هذا تغيير تدريجي للقيم؛
فالأفكار والأفعال التي كانت مهمة لدى الشخص مثل الكمالية وتناول المخدرات أصبحت
غير مهمة وحل محلها قبول النفس والتعافي.
الإرادة القوية ولكن عدم
النجاح: أهمية الاستراتيجيات في التعافي من الإدمان.
كثيراً ما يتفق الفلاسفة
وعلماء النفس المعرفي والاجتماعي وعامة الناس على الرأي القائل بأن قوة الإرادة
تشكل عنصراً أساسياً في التعافي من الإدمان. ولكن هناك أسباب تدعونا إلى الشك في
أن قوة الإرادة أقل أهمية في تفسير التعافي مما تشير إليه هذه النظرة.
نقدم هنا نتائج دراسة
طولية نوعية حول كيفية رؤية الأشخا ص المعتمدين على المواد لقدرتهم على التصرف
وضبط النفس، وكيف يتطور ضبط النفس لديهم بمرور الوقت. تمت مقابلة 69 شخصًا معتمدًا
على المواد الأفيونية والكحول والميثامفيتامين على مدى فترة 3 سنوات.
النتائج:
ووصف أغلب المشاركين
أنفسهم بأنهم يتمتعون بإرادة قوية؛ بل إنهم يتمتعون بإرادة قوية للغاية. ولكن يبدو
أنه لم يكن هناك أي ارتباط بين امتلاك إرادة قوية (وفقاً لتقييم الذات) وحالة
التعافي. بل إن عدد الاستراتيجيات التي ذكرها المشاركون ميز بين أولئك الذين يتمتعون
بتعافي مستقر وأولئك الذين لا يتمتعون بذلك. وكان المشاركون في مرحلة التعافي أكثر
حماساً للاستراتيجيات من أولئك الذين لم ينجحوا في السيطرة على تعاطي المواد. وظلت
قوة الإرادة مهمة، ولكنها استُخدمت هي نفسها بشكل استراتيجي.
الاستنتاجات:
لا يبدو أن الأشخاص
الذين يعانون من الإدمان يفتقرون إلى قوة الإرادة؛ بل إن التعافي يعتمد على تطوير
استراتيجيات للحفاظ على قوة الإرادة من خلال التحكم في البيئة.
يقدم أدلة على أن
استخدام الاستراتيجيات قد يكون أكثر أهمية من قوة الإرادة في التعافي من الإدمان
يوفر إطارًا نظريًا لفهم
نشر الاستراتيجيات لتمكين التعافي
يقدم دليلاً على أن
الأشخاص المدمنين قد يكون لديهم قوة إرادة عالية وأن التعافي مستقل عن حالة
الإرادة
في كثير من الأحيان،
يستشهد عامة الناس وعلماء النفس المعرفي والاجتماعي والفلاسفة بقدرات ضبط النفس
الجادة لتفسير الإدمان والتعافي منه. ويستكشف علماء النفس وعلماء الأعصاب مدى تغير
الوظيفة التنفيذية، وخاصة قدرة تثبيط النبضات، من خلال سلسلة من التغيرات العصبية
الناتجة عن إن الادعاء بأن ضعف الوظيفة التنفيذية يفسر جزئيًا سبب صعوبة التعافي
من الإدمان يتوافق مع الطريقة التي يستشهد بها الناس العاديون غالبًا بـ "قوة
الإرادة"، والتي يُفهم أنها قدرة على مقاومة الإغراء بجهد، لتفسير سبب إدمان
بعض الأشخاص أو تعافيهم من الإدمان. وبما أن الصعوبات التي يواجهها المدمنون في
السيطرة على تعاطي المخدرات تبدو صعبة التفسير بالإشارة إلى الإكراه أو آلام
الانسحاب، وفي ضوء حقيقة أن العديد من المدمنين ينجحون في تحقيق الامتناع أو
الاستخدام المتحكم فيه، فإن استدعاء
الوظيفة التنفيذية أو قوة الإرادة يبدو دافعًا جيدًا.
يبدو أن الفرضية القائلة
بأن شيئًا مثل قوة الإرادة يلعب دورًا في فقدان السيطرة تتلقى دعمًا من العمل
الأخير في علم النفس الذي يُعتقد على نطاق واسع أنه حدد معالمه. وفقًا
لفرضية استنزاف الأنا، يعتمد ضبط النفس على مورد قابل للنضوب.
يختلف الأفراد في قدرتهم على ممارسة ضبط النفس، بحكم امتلاك كميات مختلفة
من هذا المورد. وقد تم التعرف على هذه القدرة بقوة الإرادة، سواء من قبل علماء
النفس والفلاسفة. لذلك، يمكن تفسير الاختلافات في النجاح في السيطرة على
تعاطي المخدرات من خلال الاختلافات في الموارد التي تعتمد عليها قوة الإرادة؛
لاحظ مع ذلك، أن فرضية استنزاف الأنا مثيرة للجدل للغاية حاليًا بعد اكتشاف
تجربة مسجلة مسبقًا متعددة المختبرات وجدت أن حجم التأثير كان في أفضل الأحوال
صغيرًا جدًا؛ انظر أيضًا.
في حين أننا متعاطفون مع
الادعاء بأن ضعف ضبط النفس يشكل عنصراً أساسياً في الإدمان، فإننا سنزعم أن قوة
الإرادة أو القدرات التنفيذية تلعب دوراً أقل أهمية في ضبط النفس الناجح من السعي
إلى استراتيجيات. وباستخدام "ضبط النفس" نفهم الآليات والعمليات التي
يتفاوض بها الوكلاء على مشكلة متكررة نواجهها جميعاً: مقاومة إغراء استهلاك مكافآت
أصغر حجماً في وقت أقرب (المكافآت المتاحة على الفور أو على الفور تقريباً) عندما
تتعارض مع مكافآت أكبر في وقت لاحق (المكافآت التي نفضلها ولكنها بعيدة نسبياً في
الزمن). والصراعات بين هذه الأنواع من المكافآت متكررة، وتتراوح من المكافآت
التافهة نسبياً (على سبيل المثال، الصراع بين مشاهدة حلقة أخرى من مسلسل " لعبة العروش" والحصول على قسط كاف من الراحة غداً) إلى
المكافآت المهمة شخصياً (على سبيل المثال، الصراع بين شراء سيارة جديدة كل عامين
والحصول على ما يكفي من المال للتقاعد). وسوف نستخدم مصطلح "قوة
الإرادة" للإشارة إلى ما يسميه "المقاومة الغاشمة": القدرة على
مقاومة الإغراء بجهد الإرادة. إن قوة الإرادة، بهذا المعنى، مرادفة تقريبًا
للوظيفة التنفيذية. ونقترح أنه في حين تلعب الاختلافات في قوة الإرادة دورًا في
تفسير النجاح النسبي في التعافي، فإن عوامل أخرى ستلعب دورًا أكبر. ونزعم أن
ممارسة السيطرة على البيئة المحيطة بالفرد أمر بالغ الأهمية. ونعتقد أن نشر ما نسميه الاستراتيجيات يلعب دورًا محوريًا في تمكين
السيطرة على تعاطي المخدرات لدى العديد من المدمنين أو معظمهم الذين يحققون ذلك.
في هذا الملخص، نستعرض
بإيجاز الأسباب النظرية للاعتقاد بأن قوة الإرادة أقل أهمية من استخدام
الاستراتيجيات. ثم نستشهد بأدلة من دراسة نوعية للأشخاص المدمنين تدعم ادعائنا بأن
نشر الاستراتيجيات غالبًا أو دائمًا أكثر أهمية من قوة الإرادة في تمكين التعافي.
وقد سلطت الأعمال السابقة الضوء على أهمية الاستراتيجيات في تمكين ضبط النفس، نعتقد أن هذا هو أول دليل على أن استخدام مثل
هذه الاستراتيجيات، التي يتم توليد العديد منها ذاتيًا، يشكل أساس التعافي للعديد
من الأشخاص الذين يعانون من الإدمان بغض النظر عن حالة قوة إرادتهم. من المهم أن
ندرك أن الأدلة التي نقدمها هنا محدودة بطرق مهمة. وعلى الرغم من هذه القيود،
نعتقد أنها تشير إلى أن تنفيذ الاستراتيجيات قد يكون في كثير من الأحيان أكثر
فعالية في مساعدة التعافي من قوة الإرادة.
على الرغم من أن العديد
من المنظرين ما زالوا يؤكدون أن قوة الإرادة هي محور ضبط النفس، إلا أن العمل
الأخير ألقى بظلال من الشك على هذا الادعاء: لا ترتبط الاختلافات في قوة الإرادة
بشكل إيجابي بالاختلافات في ضبط النفس، وهو مقياس للاختلاف بين الأفراد في قدرتهم
على ممارسة ضبط النفس، ويتنبأ بالنجاح في
مجموعة من المجالات التي تتطلب التنظيم الذاتي). الأفراد الذين لديهم مستوى مرتفع في TSC هم أكثر عرضة بشكل ملحوظ لتأثيرات استنزاف
الأنا من أولئك الذين لديهم مستوى أقل في TSC، وعلى العكس من ذلك، فإن الأفراد الذين
لديهم أكثر من انحراف معياري واحد أقل من المتوسط في TSC لا يظهرون أي تأثير تقريبًا للاستنزاف.
إن الانفصال بين التصلب
التصلبي والقوة الإرادية يمكن تفسيره، في اعتقادنا، بحقيقة مفادها أن هناك أكثر من
طريقة لممارسة ضبط النفس. وتتلخص إحدى هذه الطرق في مقاومة الإغراءات بجهد. وهذه
الطريقة لممارسة ضبط النفس تستنزف قوة الإرادة وتستنزفها. ولأنها تستنزف قوة
الإرادة، فإن هذا النهج محكوم عليه بالفشل عندما يُستدعى في كثير من الأحيان أو
بشكل مستمر لفترة طويلة، ولكن في ظل الظروف المناسبة قد يكون وسيلة قوية لتحقيق
غايات الوكلاء. ومع ذلك، قد يكون من الأفضل في كثير من الأحيان تحقيق ضبط النفس
ليس من خلال مقاومة الإغراءات بجهد، بل من خلال نشر استراتيجيات تضمن إما عدم
مواجهة الإغراءات، أو أنها عندما تواجه تكون سهلة المقاومة نسبيًا ولا تتطلب قوة
إرادة كبيرة. ويتطلب اختيار مثل هذه الاستراتيجيات ونشرها التبصر والتخطيط. ولهذا
السبب غالبًا ما يُطلق على هذا الشكل من ضبط النفس اسم ضبط النفس الدياكروني.
إن الأفراد قد يتجنبون
الإغراءات، وبالتالي يستعينون بقوة إرادتهم، من خلال استخدام استراتيجيات بسيطة
للغاية. فإذا وجدوا صعوبة في مقاومة الأطعمة الحلوة، فقد يختارون عدم تناولها في
منازلهم، وتجنب المرور بجوار المخبز المحلي الذي تفوح منه الروائح المغرية. أو قد
يسهل الأفراد مقاومة الإغراءات من خلال جعل الاستسلام أكثر تكلفة نسبيًا. على سبيل
المثال، قد يختارون إيداع الأموال في حسابات الودائع لأجل محدد والتي تفرض عقوبات
على السحب المبكر: حيث تقلل العقوبة من احتمالية استسلامهم للحاجة إلى الشراء
بدافع الاندفاع. إن نشر مثل هذه الاستراتيجيات هو وسيلة لممارسة ضبط النفس: من
خلال هذه الوسائل، يمكننا أن نجعل سعينا وراء مكافآت أكبر لاحقًا لا يتعطل بسبب
مكافآت أصغر متضاربة في وقت مبكر.
هناك أدلة تشير إلى أن
الأفراد الذين لديهم مستويات مرتفعة من يستخدمون مثل هذه الاستراتيجيات لتجنب
الاستسلام للإغراءات. وجد أن الأفراد الذين لديهم مستويات مرتفعة من أفادوا بانخفاض وتيرة الانخراط في ضبط النفس
المجهد. تشير البيانات من إلى أنه يتعين علينا تفسير هذا الدليل على
أنه يشير إلى نشر الاستراتيجيات. باستخدام منهجية أخذ العينات من الخبرة، وجد
هوفمان وآخرون أن
TSC المرتفع لا
يرتبط بما إذا كان الأشخاص يقاومون الرغبات عندما يواجهون صراعًا فيما يتعلق بها
ولا بما إذا كانوا قد استمروا في التصرف بناءً عليها. بدلاً من ذلك، أفاد الأفراد
الذين لديهم مستويات مرتفعة من
TSC بحالات أقل
من التعرض للإغراءات، وخاصة الإغراءات من المجموعة التي ذكرتها دراسة مستقلة على
أنها إشكالية. وهذا يشير إلى أنهم بدلاً من أن يكونوا أفضل في مقاومة الإغراءات،
فإنهم يتجنبونها.
يأتي دليل أكثر مباشرة
من العمل الأخير الذي أجراه.
مُنح المشاركون في
تجاربهم خيار أداء مهمة في بيئة مملة ولكن خالية من التشتيت أو بيئة أكثر تشتيتًا.
كان الأفراد ذوو التصلب الدبقي المرتفع أكثر عرضة بشكل كبير لاختيار البيئة
الخالية من التشتيت. أفاد المشاركون ذوو التصلب الدبقي المرتفع في هذه الدراسة أنهم
يتجنبون الإغراءات. عند أخذها جنبًا إلى جنب مع الأدلة التي تثبت أن الأشخاص ذوي
التصلب الدبقي المرتفع ليسوا أفضل في مقاومة الرغبات من الأشخاص الآخرين، تشير
البيانات المتاحة بقوة إلى أن الأفراد ذوي التصلب الدبقي المرتفع يستخدمون
استراتيجيات لتحقيق أهدافهم. تشرح هذه الفرضية ضعفهم أمام استنزاف الأنا. هناك
أدلة على أن القدرة على مقاومة الإغراءات بجهد يمكن بناؤها بالممارسة، إذا سعى الأفراد الذين لديهم درجة عالية من إلى تحقيق أهدافهم من خلال تجنب الإغراءات،
فسوف يفشلون في بناء هذه القدرة، وفي البيئة غير المألوفة للمختبر، حيث لا يمكنهم
نشر استراتيجياتهم، فسوف يكونون عرضة بشكل خاص لفشل ضبط النفس. يبدو أن الأفراد
الذين لديهم درجة عالية من أفضل في التوقع والتخطيط.
إننا نورد الآن أدلة
تشير إلى أن تعافي المدمنين يمكن تفسيره جزئياً بقدرتهم على توليد واستخدام
الاستراتيجيات التي تمكنهم من تشكيل وإدارة بيئتهم المستقبلية. وقد تم جمع هذه
البيانات من خلال استطلاعات رأي أجريت على المدمنين في مرحلة التعافي، والتي تم
تصميمها مع وضع أهداف مختلفة في الاعتبار. ونتيجة لهذه الحقيقة، لم نستكشف
الاستراتيجيات التي استخدمها المشاركون عن كثب كما كنا نتمنى الآن. فضلاً عن ذلك،
كانت الأعداد المشاركة صغيرة. وتستلزم هذه الحقائق قيوداً كبيرة على بياناتنا. ومع
ذلك، نعتقد أن هذا يشير بقوة إلى أن التعافي بالنسبة لبعض المدمنين على الأقل لا
يمكن تفسيره بقوة الإرادة ــ التي لا تتنبأ بالنجاح ــ بل بنشر الاستراتيجيات.
فالتعافي الناجح يتطلب ضبط النفس بشكل مستمر.
الطريقة:
يستند هذا الملخص إلى
النتائج التي توصلت إليها دراسة فرعية لدراسة ممولة من مجلس البحوث الأسترالي
بعنوان "الإدمان والهوية والوكالة الأخلاقية، ودمج المناهج النظرية
والتجريبية". وكان الهدف من الدراسة تقييم كيفية إدراك الأشخاص الذين يعانون
من الإدمان لضبط النفس والوكالة. استخدمت الدراسة الأكبر تصميمًا طوليًا مختلط
الأساليب (نوعي وكمي). تستند النتائج المقدمة هنا إلى مكون سيدني من الدراسة،
والذي كان نوعيًا بشكل أساسي. أكمل المشاركون في الدراسة = 69) مقابلة خط الحياة في البداية، وتم متابعتهم
على مدى فترة ثلاث سنوات (البداية في عام 2011، وحلقات متابعة متتالية لمدة 12
شهرًا في أعوام 2012 و2013 و2014). في البداية، سُئل جميع المشاركين عن أهدافهم
للعام المقبل وأي خطط وضعوها لتحقيق أهدافهم. الأسئلة التي نركز عليها في هذه
الورقة: "هل ترى نفسك ضعيف الإرادة أم قوي الإرادة أم مثل أي شخص آخر؟"
ولم يكن التركيز الرئيسي في البحث على "ما هي الاستراتيجيات التي تستخدمها
للسيطرة على تعاطيك للمواد؟". ولم يُطرح السؤال حول قوة الإرادة في المقابلة
الأساسية، بل أُضيف أثناء المتابعة الأولى. وفي حين ندرك القيود المفروضة على قياس
قوة الإرادة من خلال التقرير الذاتي، فإن هذا النهج كان مفروضًا بموجب الهدف
الأساسي لهذا البحث: استكشاف مفهوم الذات لدى الناس.
تم إجراء عملية التوظيف
والمقابلات في مركز عام لعلاج الإدمان ومنشأة لعلاج بدائل المواد الأفيونية.
وأُجريت المقابلات المتابعة في الغالب في المستشفى المرتبط بهذه المرافق، ولكن
أيضًا في الأماكن العامة أو في منازل المشاركين.
كان عمر المستجيبين بين
23 و64 عامًا؛ وكان معظم المستجيبين بين 30 و50 عامًا. وكان حوالي 70% من الذكور
(49) و30% من الإناث (20). كان التركيز الرئيسي على إدمان الكحول والأفيون، نظرًا
لأن هذه المواد لها أعلى معدل انتشار بين السكان الخاضعين للعلاج، ولكن تم تجنيد
عينة صغيرة من مستخدمي الأمفيتامين، لذلك كان من الممكن المقارنة مع المنشطات
(الكحول = 32، الأفيونيات = 35، الأمفيتامينات = 7، بعض التداخل بسبب تعاطي مواد
متعددة). كان معظم المستجيبين أستراليين (50). وكان معظم الأشخاص من خلفيات
اجتماعية واقتصادية أفقر.
تمت الموافقة على
الدراسة من قبل لجنة البحوث البشرية في مستشفى سانت فينسينت وجامعة ماكواري. وتم
الحصول على موافقة خطية مستنيرة من جميع المشاركين. وتم تعويضهم عن وقتهم وخبرتهم.
تم تسجيل المقابلات،
ونسخها حرفيًا بالكامل، وتحليلها في
NVivo. تم إعطاء
كل مشارك اسمًا مستعارًا. تم تحليل البيانات النوعية على عدة مستويات: (أ) تحليل
المحتوى التفسيري، لتحديد أنماط القضايا الأخلاقية، (ب) التحليل الموضوعي، المبني
على الترميز المفتوح والمحوري، لتحديد العوامل عبر أنماط مختلفة؛ و(ج) تحليل خطاب
القيم، لتحديد الأطر الأخلاقية واستراتيجيات التفكير. تم تحليل جميع البيانات من
قبل باحث واحد أجرى المقابلات أيضًا. ومع ذلك، قرأ باحثان آخران نصوص المقابلات،
وتمت مناقشة نتائج الترميز على نطاق واسع داخل مجموعة البحث. كما تم تحليل عينة
صغيرة من البيانات من قبل باحثين آخرين. لم يتم استخدام هذا التحليل للباحثين
الآخرين لتحديد موثوقية التقييم بين المقيمين، حيث نعتقد أنه في البحث النوعي يجلب
كل باحث وجهة نظر قيمة ولكنها مختلفة، وكانت وجهات النظر المختلفة هذه هي الغرض من
المناقشات الجماعية للتحليل والترميز من قبل باحثين آخرين.
لغرض هذه الورقة، تم
إجراء تحليل مقارن نوعي.
عندما نظرنا إلى إجابات
المستجيبين فيما يتعلق بقوة الإرادة، رأينا أن أقلية فقط من الناس وصفوا أنفسهم
بأنهم ضعفاء الإرادة. لقد توقعنا أن الأشخاص الذين لديهم سيطرة على تعاطيهم للمواد
فقط هم من سيصفون أنفسهم بأنهم أقوياء الإرادة. ولكن بغض النظر عن حالة تعافيهم،
وصف المستجيبون أنفسهم بأنهم أقوياء الإرادة. يبدو أن إدراك المرء لنفسه بأنه قوي
الإرادة ليس سمة مميزة. لقد قسمنا المستجيبين إلى مجموعات تتوافق مع حالة تعافيهم،
مع الأخذ في الاعتبار استجاباتهم حول ما إذا كانت لديهم استراتيجيات للبقاء في
السيطرة، ومدى تفصيل خططهم للمستقبل، للنظر عن كثب في قدراتهم التخطيطية. نظرًا
لأن شخصًا واحدًا قام بجمع البيانات، وتحدث إلى المستجيبين عدة مرات على مدار 3
سنوات، فقد قسم المستجيبين إلى مجموعات التعافي المختلفة. تمت مناقشة القرارات
المتعلقة بعدد أنواع التعافي، والمستجيبين الذين ينتمون إلى أي مجموعة، على نطاق
واسع في مجموعة البحث لضمان موثوقية التجزئة.
يصف المدمنون أنفسهم
بأنهم أقوياء الإرادة:
وعندما سُئل الناس عما
إذا كانوا يعتبرون أنفسهم ضعفاء أو أقوياء الإرادة، أجابوا بشكل أساسي أنهم
يعتبرون أنفسهم أقوياء الإرادة. وفي الواقع، وصفوا أنفسهم غالبًا بأنهم أقوياء
الإرادة للغاية. ووصف أحد الأشخاص نفسه بأنه "أحد أقوى الأشخاص إرادة الذين
قد تقابلهم"
(R66). وكان معظم
الناس متسقين تمامًا أثناء المتابعة في كيفية وصفهم لقوة إرادتهم: إذا وصفوا
أنفسهم بأنهم أقوياء في عام ما، فمن المرجح جدًا أن يصفوا أنفسهم بنفس الطريقة في
العام التالي.
لمعرفة ما إذا كانت قوة
الإرادة تنبئ بالتعافي، قمنا بتقسيم المشاركين إلى 6 مجموعات: عدم التعافي، والتعافي
الصعب والتعافي الضعيف والاستسلام، والاستخدام المتحكم
فيه والتعافي المستقر.
تتكون مجموعة عدم التعافي من الأشخاص الذين حاولوا التحكم في
تعاطيهم للمواد، لكنهم نجحوا لمدة لا تزيد عن بضعة أيام أو أسابيع.
يشير التعافي الصعب إلى هؤلاء الأشخاص الذين أظهروا نمطًا من الامتناع
أو الذين سيطروا على تعاطيهم لبضعة أشهر، لكنهم فقدوا السيطرة مرة أخرى لفترة
طويلة. يشير التعافي الضعيف إلى أولئك الذين تمكنوا من البقاء ممتنعين
لفترات أطول، لكنهم أفادوا بوجود صراع مستمر. يشير الاستسلام إلى هؤلاء
المشاركين الذين بدا أنهم تخلوا عن محاولة التحكم في تعاطيهم. يشير الاستخدام
المتحكم فيه إلى أولئك الذين كانوا راضين عن الكمية التي يستهلكونها، على
الرغم من أن تعاطيهم قد لا يزال مرتفعًا. أخيرًا، يشير التعافي
المستقر إلى الأشخاص الذين تمكنوا من البقاء ممتنعين لفترة طويلة، والذين
أفادوا بعدم وجود صراع مستمر.
وقد وصف المشاركون في كل
مجموعة، باستثناء مجموعة واحدة، أنفسهم بأنهم أقوياء الإرادة أو متوسطو المستوى.
وكان الاستثناء هو مجموعة التعافي الضعيفة، التي وصفت نفسها غالبًا بأنها ضعيفة
الإرادة.
إذا كانت هذه التقارير
دقيقة، فقد يعاني الناس من تعاطي المخدرات على الرغم من إرادتهم القوية. وسنقترح
أن الاستراتيجيات غالبًا ما تكون أكثر موثوقية من قوة الإرادة لتحقيق التعافي،
لذلك لا نجد هذه التقارير مفاجئة. ولكن هناك تفسيرات محتملة لعدم وجود ارتباط بين
قوة الإرادة وضبط النفس تتوافق مع لعبها دورًا مهمًا في ضبط النفس وقد تكون صحيحة
في بعض أو كل هذه الحالات.
الأدوار المحتملة لقوة
الإرادة؟
أحد الاحتمالات هو أن
المشاركين ليسوا أقوياء الإرادة كما يزعمون. وقد شكك البعض في تشخيصهم الذاتي
بأنهم أقوياء الإرادة: "أنا شخص قوي الإرادة إلى حد كبير، عندما أقول إن
الإدمان أصابني لمدة 20 عامًا، لذا فإن الأمر أشبه بـ ... إنه أمر متناقض في هذا
الصدد"
والاحتمال الثاني هو أن
يكون المشاركون في الواقع أقوياء الإرادة، ولكن قوة إرادتهم تركز على إدارة ظروف
الحياة القاسية والمستنزفة للأنا.
أنا: هل أصبحت أقوى مع
مرور السنين؟
نعم. نعم. نعم. يجب
عليّ، يجب عليّ في الأساس. كما تعلم، أن أكون في الشوارع وأشياء من هذا القبيل...
فقط أن أفعل الأشياء بنفسي... ألا أتمكن من الجلوس والقول: هل يمكنك القيام بها من
أجلي؟
لقد حكم على ذات مرة أحد
القضاة، ومن المضحك أنك استخدمت مصطلح "قوي ضعيف الإرادة"، لقد قال في الواقع
لقد أظهرت نقاط قوة ونقاط ضعف في حياتك وللوصول إلى هذه النقطة والبقاء على قيد
الحياة [يجب أن تكون لديك قوة الإرادة].
قد يكون هناك احتمال آخر
وهو أن الإرادة القوية ليست كافية إلا إذا استخدم المرء إرادته بالطريقة الصحيحة.
قد يكون المرء قوي الإرادة في متابعة السلوك المدمر. يشرح المستخدم السابق كريسبين
سارتويل ما يلي:
كثيراً ما يُنظَر إلى
الإدمان باعتباره فشلاً في الإرادة... ولكن في واقع الأمر، وليس بالضرورة على نحو
غير متوافق، يعاني المدمنون غالباً من فائض من الإرادة. اسأل نفسك ما الذي يتطلبه
الأمر للقيام بذلك، على سبيل المثال، كل يوم. أنا أخبرك بما يتطلبه الأمر: إنه
يتطلب قوة الإرادة. (...) عليك أن تتغلب على آلاف من التمردات الجسدية وأن تجعل
نفسك تستمر في السكب.
يصف المستجيبون أنفسهم
أحيانًا بطريقة مماثلة:
لقد كنت دائمًا قوي
الإرادة. أعتقد أنني لم أستخدمها دائمًا بالطريقة الأفضل.
عنيد جدًا (يضحك). هذه
مشكلتي، أنا عنيد جدًا.
لقد كنت أتمتع بهذه
القوة دائمًا. (...) لقد كانت هذه القوة هي ما أتمتع به دائمًا، بعض القوة
الداخلية. وأضع نفسي في مواقف سيئة وأعلم ذلك في بعض الأحيان لأنني أحب القليل من
الإثارة والمواقف الخطرة.
الصخري.
ويشير هذا المستجيب
الأخير إلى خطر محتمل يتمثل في قوة الإرادة: فربما يؤدي الاعتقاد بأن المرء يتمتع
بإرادة قوية إلى سلوك متهور، لأن الشخص يعتقد أنه يتمتع بالقوة اللازمة لتخليص
نفسه من الصعوبات. وعلى العكس من ذلك، وصف أحد المستجيبين كيف كان ضعف إرادته يشكل
قوته أيضًا
(R49B). ووصف مستجيب
آخر كيف جعل منزله منطقة خالية من التدخين، لأنه كان يعلم أن إرادته ضعيفة للغاية
بحيث لا تقاوم الإغراء
(R11). وربما يكون
الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم ضعفاء الإرادة أكثر حذرًا. ويصف العديد من
المستجيبين الانتكاسات بأنها تنطوي على نوع من الغطرسة: حيث يعتقدون أنهم يستطيعون
التعاطي مرة أخرى بطريقة محكومة. "اعتقدت أنني كنت على ما يرام حقًا ولم يكن
علي القيام بكل هذه الأشياء للبقاء نظيفًا."
الاستراتيجيات تنبئ
بالتعافي:
وعندما سئلوا عن
الاستراتيجيات التي اتبعوها للسيطرة على تعاطيهم للمواد المخدرة، ظهرت اختلافات
مهمة بين المجموعات.
ومن غير المستغرب أن
الأشخاص الذين استقالوا من العمل لا يذكرون العديد من الاستراتيجيات
لأنهم تخلوا عن محاولة التحكم في استخدامهم. والأشخاص الذين ينتمون إلى فئة
الاستخدام المتحكم فيه لا يذكرون العديد من الاستراتيجيات أيضًا. وقد لا
يعني هذا أنهم لا يعتمدون على الاستراتيجيات بشكل مكثف: ربما تكون استراتيجياتهم
راسخة أو غير واعية.
إن الأشخاص في
المجموعة التي لم تتعافى يذكرون استراتيجيات قليلة، لكنهم يصنفون أنفسهم
على أنهم يتمتعون بمستوى مرتفع نسبيًا من قوة الإرادة. ولعل هذا يفسر سبب إحرازهم
تقدمًا ضئيلًا في التعافي: فهم يعتمدون على قوة الإرادة لمقاومة الإغراء عند ظهوره
بدلاً من اللجوء إلى استراتيجيات يتم تنفيذها بشكل متقطع. كما كان الأشخاص في هذه
المجموعة يميلون إلى وضع خطط ملموسة أقل في البداية عندما سئلوا عن أهدافهم للأشهر
الاثني عشر المقبلة، وهو ما قد يشير إلى انخفاض قوة الإرادة.
يبدو أن أولئك الذين
يمرون بمرحلة تعافي صعبة هم الذين يمكن وصفهم بأفضل صورة من خلال نظرية
استنزاف الأنا. فهم يتمتعون بقوة إرادة عالية، وهذا ما يجعلهم يمتنعون عن الإدمان
لفترة معينة من الوقت، ولكنهم ينتكسون بعد ذلك، ربما لأنهم استنفدوا قواهم. وقد
يكون هناك احتمال آخر يتمثل في أنهم يستخدمون قوة إرادتهم بطريقة خاطئة: فبمجرد
انتكاسهم، يستخدمون قوة إرادتهم لمتابعة مسار السلوك المدمر للذات.
ومع ذلك، فإن الأشخاص
الذين يمرون بمرحلة تعافي هشة، يصنفون أنفسهم على أنهم منخفضون للغاية فيما
يتعلق بقوة الإرادة، لكنهم يتمتعون بقدر مرتفع نسبيًا من الاستراتيجيات. وقد يشير
هذا إلى أنهم تحولوا من الاعتماد على قوة إرادتهم إلى الاعتماد على استراتيجياتهم.
ربما لأن الأمر يستغرق وقتًا حتى تترسخ الاستراتيجيات، فإن تعافيهم يكون هشًا.
إنهم لا يثقون بأنفسهم بعد.
يبدو أن الأشخاص الذين
يمرون بمرحلة تعافي مستقرة يتمتعون بقوة الإرادة والاستراتيجيات. ومن
المثير للاهتمام أن هذه المجموعة وضعت في البداية أكثر الخطط تفصيلاً للأشهر
الاثني عشر المقبلة. في بداية تعافيهم، كان بإمكان معظمهم بسهولة الاستشهاد بخمس
إلى سبع استراتيجيات، ولكن مع تقدم تعافيهم، لم يعودوا يذكرون العديد من
الاستراتيجيات. ويبدو أن الاستراتيجيات بالنسبة لهؤلاء الأشخاص تصبح أقل وعياً مع
تقدم التعافي. في هذه المجموعة، نجح العديد من الأشخاص في تغيير بيئاتهم وهويتهم
بشكل جذري. لديهم بنية يومية مستقرة. في بعض الأحيان لا يعرف أحد في بيئتهم
الجديدة أنهم مدمنون سابقون. غالبًا ما يبلغ الأشخاص في هذه المجموعة أنهم لم
يعودوا يعانون من الكثير من الإغراءات أو الشغف.
بشكل عام، يخرج الأشخاص
الذين خضعوا للعلاج بالعديد من الاستراتيجيات الواعية، ولكن ليس الجميع متحمسين
بنفس القدر للاستراتيجيات المتاحة لهم. يعبر الأشخاص في جميع المجموعات باستثناء
مجموعة الاستخدام المتحكم ومجموعة التعافي المستقر عن تناقض في مشاعرهم تجاه استراتيجياتهم:
فهم يذكرون أنهم يجدون صعوبة في استخدامها، وأنهم لا يعتقدون حقًا أنها فعالة، أو
أنهم يفتقرون إلى الانضباط لاستخدامها. لا يوجد هذا التناقض في مجموعة التعافي
المستقر: فالأشخاص في هذه المجموعة متحمسون جدًا للاستراتيجيات.
إن السيطرة على البيئة
هي استراتيجية مهمة يستخدمها الناس في التعافي المستقر:
عندما نظرنا عن كثب إلى
الاستراتيجيات التي ذكرها الأشخاص الذين يتعافون بشكل مستقر، برزت استراتيجية
واحدة: تغيير البيئة المحيطة. قام أربعة من الأشخاص الخمسة الذين يتعافون بشكل
مستقر بتغيير بيئة معيشتهم بشكل نشط، لتجنب الإشارات المرتبطة بالمواد. على الرغم
من أن الشخص الخامس، ألبرت، لم يغير بيئة معيشته، إلا أن عمله وفر له بيئة لا
يستطيع استخدامها. "أنا في العمل، لذا لا يمكنني استخدامها، أنا بعيد جدًا في
الضواحي. أنا في تيري هيلز في الوقت الحالي كما تعلم وأنا لا أختلط بنفس الحشد
الذي أتواجد فيه عادةً."
إحدى استراتيجياته هي الذهاب إلى العمل، مهما
كان الأمر.
إن تغيير البيئات أمر
صعب للغاية في كثير من الأحيان. فمن أجل تغيير بيئتهم، كان على الناس التخلي عن
السكن المدعوم، لأن السكن المدعوم يكون غالبًا في الأحياء التي يوجد بها العديد من
متعاطي المخدرات. تصف ريبيكا كيف انتقلت من مكان إلى آخر عدة مرات حتى وجدت نفسها
في بيئة خالية من المواد المحفزة. وعندما سُئلت في المتابعة الثانية عن أفضل شيء
حدث لها في العام الماضي، أجابت:
أعتقد أن الانتقال إلى
[بي بي] وبدء حياتي هنا كان إيجابيًا للغاية، بالتأكيد. وكان ذلك اختيارًا كبيرًا
وكان عليّ ألا أستمع إلى الكثير من الأشخاص الذين أخبروني بعدم القيام بذلك لأنني
تخليت عن قسم الإسكان الخاص بي وأدفع إيجارًا خاصًا الآن. لذلك كان الكثير من
الأشخاص يخبرونني بأنني مجنونة وأنني لن أحصل على عمل، لكن لا، استمعت إلى نفسي
وانتقلت إلى هنا وأنا سعيد جدًا جدًا. وحصلت على وظيفة على الفور.
في بيئتها الجديدة، لا
أحد يعرف أنها كانت مدمنة سابقة. تقول ريبيكا أنه بعد فترة من الوقت، اختفت الرغبة
الشديدة:
أوه، إنها ليست رغبة
حقيقية. إنها أقرب إلى ما أعتقد أنه سيكون لطيفًا، لكنها ليست جزءًا من حياتي.
(...) أتذكر كيف أشعر. هذا... لكنها ليست شيئًا يجب أن أعمل عليه حقًا لأنها ليست
جزءًا من حياتي. إنها لا تتناسب مع حياتي الآن. (...) أعتقد أن ما أقوله هو أنه لم
يخطر ببالي حقًا أن لدي رغبة وفكرت في أنه يمكنني الذهاب وفعل ذلك.
لدى توم قصة مماثلة.
انتقل إلى ولاية أخرى، ولا أحد يعرف أنه كان مدمنًا سابقًا. ساعده تغيير البيئة من
مدينة مزدحمة إلى بلدة ريفية صغيرة في السيطرة على رغبته الشديدة. أبطأ وتيرة
حياته، مما أدى إلى إبطاء عمليات التفكير لديه.
انتقل جراهام للعيش مع
صديقته التي لا تعاني من مشاكل تعاطي المخدرات. وقد منحه هذا أيضًا هوية جديدة:
هوية الشريك. لا يزال جراهام يشعر بالرغبة الشديدة بين الحين والآخر، لكنها لم تعد
قوية بعد الآن؛ فهو يصرف انتباهه فقط بمشاهدة فيلم أو الانخراط في نشاط آخر. انتقلت
إيريس إلى نيوزيلندا. لقد أحدث هؤلاء الأشخاص تغييرات جذرية في بيئتهم وشبكاتهم
الاجتماعية. ولأنهم كانوا محظوظين بما يكفي لتمكنهم من العثور على عمل بسهولة
نسبية، فقد تمكنوا من التخلي عن السكن المدعوم.
ما الذي يعيق التحكم في
البيئة؟
كما وصف المستجيبون في
مجموعات التعافي الأخرى الجهود المبذولة للسيطرة على بيئتهم: كان جميعهم تقريبًا
غير راضين عن مساكنهم، ورأوا أن وضعهم المعيشي الحالي يساهم في انتكاساتهم. ولكن
بالنسبة للعديد من المستجيبين، فإن خيارات الانتقال محدودة للغاية، لأسباب مالية
أو اجتماعية. كان الانتقال يعني أحيانًا فقدان الدعم الوحيد المتبقي لهم.
"لقد حاولت أن أبتعد عن الأشخاص الذين اعتدت عليهم، لذلك [الآن] ليس لدي أي
أصدقاء حقًا."
(R65B، خاضع
للرقابة).
غالبًا ما يقول الأشخاص
الذين ما زالوا يكافحون من أجل التعافي إنهم يريدون تغيير بيئتهم، لكن القيام بذلك
يؤدي إلى العزلة. وصف الأشخاص الذين لم يتمكنوا من الابتعاد عن مشهد المخدرات
استراتيجيات أخرى، على سبيل المثال حجب بيئاتهم بالموسيقى. عندما يتعين عليه
التسوق لشراء البقالة، يرتدي أحد المستجيبين سماعات الرأس الخاصة به، لذلك على
الرغم من أنه يرى التجار يسيرون ذهابًا وإيابًا في الشارع، إلا أنه لا يستطيع سماع
خطاب مبيعاتهم؛ يتجاهل الأمر عمدًا ويستمع فقط إلى موسيقاه.
كل ما عليّ فعله هو أن
ألعب بشكل معقول، (...) لهذا السبب لديّ موسيقاي، كما تعلمون، فقط إذا لم أرغب في
سماعها، فأنا فقط أستمع إليها (...) وأحجب كل شيء.
ووصف أحد المستخدمين
الخاضعين للمراقبة كيف يحد من استهلاكه للكحول من خلال شراء البيرة مسبقًا:
حسنًا، أنا لا أتردد على
الحانات، ولا أذهب إليها بعد الآن. أنا ورئيسي، في يوم الجمعة بعد الظهر، نتوقف
عند محل بيع الزجاجات في طريق العودة إلى المنزل ونحضر لنا زجاجتين صغيرتين،
ونتناولهما في طريق العودة إلى المنزل، ثم يوصلني إلى هناك، ثم أعود إلى المنزل، وقد
أتناول ست عبوات من البيرة وأسترخي وأشاهد مباراة كرة القدم ليلة الجمعة.
بالنسبة لمعظم
المشاركين، فإن التحكم في بيئتهم أمر صعب بسبب القيود المالية والاجتماعية. لكن
الأشخاص الذين يتعافون بشكل مستقر تمكنوا جميعًا ليس فقط من ترك بيئتهم القديمة،
بل وخلق بيئة جديدة لأنفسهم حيث لديهم هوية جديدة.
تلعب قوة الإرادة دورًا
مهمًا في تطبيق الاستراتيجيات:
ولم يستشهد المشاركون في
مرحلة التعافي المستقر بمجموعة واسعة من الاستراتيجيات فحسب (السيطرة على المشاعر،
والذهاب إلى الاستشارة، وتناول الطعام الجيد، واستنشاق رائحة الورود، وإشغال العقل
والجسد، والتخلص من عقلية الضحية، والتركيز على الأشياء الإيجابية في المستقبل)،
بل أشاروا أيضًا إلى التصميم القوي.
يبدو أن قوة الإرادة
كانت عنصراً مهماً في نجاحهم. ولكن هذه القوة الإرادية كانت بحاجة إلى توجيهها
بإصرار نحو التعافي. يصف ألبرت كيف لم يكن متأكداً من أي شيء في حياته أكثر من هذا
[التوقف عن تعاطي المخدرات]. ويؤكد توم على أنه من المهم ألا تتوقف عن المحاولة أبداً،
ولكن من المهم جداً أن تختار معاركك، وأن تختار كيف تنفق قوة إرادتك:
"إن الأمر يتعلق باختيار معاركي واختيار ما
أريد التعامل معه الآن. (...) لذا فأنت تعلم أن الأمر يتعلق باختيار كيفية... ليس
فقط المعركة ولكن كيف تتعامل مع المعركة، وكيف تدخل فيها.
يبدو أن توم هنا يصف
استخدامًا استراتيجيًا لقوة الإرادة. وتصف ريبيكا تجربة مماثلة: لا يتعلق الأمر
بالقتال فحسب، بل بالقتال بحكمة.
أعتقد أن الإدمان مرض بالتأكيد،
لكنه قد يصبح خيارًا. يمكنك اختيار عدم الإصابة بالمرض، هل تفهم ما أعنيه؟ (...)
إنه مثل الأنفلونزا الشديدة التي تعلم أن عليك محاربتها. (...) يمكنك اختيار
محاربتها بمجرد أن تصبح أكثر صحة وتتخذ قرارات أكثر ذكاءً. مثلًا، بدلًا من الخروج
في المطر والرطوبة دون معطف واق من المطر، لن تفعل ذلك لتمرض، (يضحك)، فقط قم
بأشياء أكثر ذكاءً، نعم.
في هذا الوصف لما ينجح
مع ريبيكا، نرى أن كلا الاستراتيجيتين (مثل منع الإنفلونزا) وقوة الإرادة (محاربة
الإنفلونزا) مهمتان.
على الرغم من أننا بدأنا
بعينة كبيرة =
69)،
إلا أنه بعد خسارة ما يقرب من نصف المجموعة في المتابعة، وتقسيم المشاركين
المتبقين إلى 6 مجموعات، كانت الأرقام لكل مجموعة صغيرة جدًا. كان أحد القيود
الأخرى لدراستنا هو أننا قمنا بقياس قوة الإرادة من خلال التقرير الذاتي، لأن
التركيز الرئيسي للمقابلة كان مفهوم الناس عن أنفسهم. كما أنه من القيود أننا لم
نسأل المستجيبين عن كيفية فهمهم لقوة الإرادة على الرغم من أننا استكشفنا العديد
من التفسيرات المحتملة. ومع ذلك، نعتقد أنه من العدل أن نفترض أن فهمهم يتفق على
نطاق واسع مع وجهة نظر قوة الإرادة على أنها تنطوي على عاملين متميزين: العمل
وفقًا لأفضل حكم والمثابرة سواء كان ذلك وفقًا للقيم أم لا. تشير هذه
النظرة إلى قوة الإرادة إلى دراسات وردت عن وجهات نظر عامة الناس حول نقيضها، ضعف
الإرادة (،).
إن التوتر بين العاملين
هو الذي يفسر التناقض الذي عبر عنه بعض المستجيبين لدينا. وكما ذكرنا في البداية،
لم تُجرَ المقابلات بهدف تقييم مدى إمكانية تفسير التعافي بشكل أفضل من خلال نشر
الاستراتيجيات أو استخدام قوة الإرادة. وعلى الرغم من هذه القيود، فإننا نعتقد أن
بياناتنا (بالتزامن مع الأدلة النفسية المتاحة بالفعل) تقدم بعض الدعم لادعائنا
بأن قوة الإرادة تلعب دورًا ثانويًا في ضبط النفس الناجح.
ولقد وصف أغلب المشاركين
أنفسهم بأنهم أقوياء الإرادة؛ بل إنهم في واقع الأمر أقوياء الإرادة إلى حد كبير.
والواقع أن الظروف الحياتية الصعبة للغاية التي كان على العديد من المشاركين أن
يتعاملوا معها كل يوم تدعم هذا التقييم الذاتي. فقد كان المشاركون في احتياج إلى
أن يكونوا أقوياء حتى يتمكنوا من البقاء على قيد الحياة يوماً بعد يوم. ولكن
الإرادة القوية لم تكن لتتنبأ بالتعافي. وهذه الحقيقة تثير مشكلة فورية فيما يتصل
بالرأي القائل بأن قوة الإرادة تفسر التعافي ـ وعلى العكس من ذلك فإن ضعف الإرادة
يشكل الفشل الأساسي في الإدمان. ومن بين الاحتمالات أن الإرادة القوية قد تساء
استخدامها: فالتعافي يُفسَّر بالتطبيق الصحيح للإرادة القوية، والاستخدام غير
المنضبط لها بسوء استخدامها. ورغم أن التطبيق الصحيح لقوة الإرادة يشكل بلا أدنى
شك جزءاً من قصة التعافي، فإننا نعتقد أنه من غير المرجح أن يكون جزءاً أساسياً
منها. وكما لاحظ بعض المشاركين، فإن قوة الإرادة قد تؤدي إلى استئناف التعاطي
بغطرسة، ثم تثبت بعد ذلك أنها غير كافية على الإطلاق. ونحن نعتقد أن القدرة على
التخطيط ونشر الاستراتيجيات التي تتجاوز قوة الإرادة تشكل أهمية أكبر للتعافي.
ودعماً لهذا الرأي،
يستشهد المشاركون في مرحلة التعافي بمزيد من الاستراتيجيات ويكونون أكثر حماساً
لها من أولئك الذين لم ينجحوا في السيطرة على تعاطي المواد. وهناك أيضاً ارتباط
واضح بين التعافي ودليل على التخطيط الملموس للوصول إلى الأهداف التي تم فحصها في
المقابلات الأساسية. ومن المهم أن يرتبط التعافي بغياب الرغبات الشديدة وتجربة
الإغراءات. فعندما لا يتم تجربة الرغبات الشديدة والإغراءات، لا يحتاج الناس إلى
الاعتماد على قوة الإرادة. والسبب الرئيسي وراء غياب الرغبات الشديدة والإغراءات
هو أن المشاركين في مرحلة التعافي يبعدون أنفسهم عن البيئة التي اعتادوا فيها على
التعاطي ويتجنبون الأصدقاء من أيام تعاطيهم (من المعروف أن الرغبات الشديدة تنطلق
من خلال إشارات توفر المخدرات؛).
ويبدو أن المشاركين
يستخدمون هذه الاستراتيجيات عن علم كوسيلة لتجنب الإغراءات. وعلى النقيض من ذلك،
كثيراً ما أفاد المشاركون الذين لم ينجحوا في التحكم في الاستخدام بأنهم يدركون
ضرورة تجنب البيئات القديمة، ولكنهم يواجهون عقبات مالية أو اجتماعية كبيرة للغاية
في الانتقال إلى بيئة جديدة. وينشر المشاركون الذين يظلون في بيئتهم القديمة
استراتيجيات لتجنب الإغراءات. ويذكر العديد منهم استخدام سماعات الرأس حتى لا
يسمعوا خطاب المبيعات الذي يلقيه التجار عندما لا يستطيعون تجنبهم.
إننا نؤكد أننا لا نعتقد
أن قوة الإرادة غير ذات صلة بالتعافي الناجح. وربما يتطلب الأمر قوة الإرادة لنشر
الاستراتيجيات على الإطلاق. ولأن قوة الإرادة هشة على الأرجح، كما أكد، فإن مثل
هذا الاستخدام لقوة الإرادة ناجح لأنه لا يحتاج إلى الاستمرار؛ فالشخص الذي ينشر
بجهد استراتيجية حجب خطاب المبيعات للتاجر باستخدام سماعات الرأس لا يحتاج إلى قوة
الإرادة لمقاومة هذا الخطاب. إن أفضل استخدام لقوة الإرادة هو بشكل استراتيجي،
ويذكر المشاركون عدة استراتيجيات للقيام بذلك. إنهم "يختارون معاركهم".
ومن اللافت للنظر أن
المنظور النظري الذي نطوره هنا، والذي استلهمناه من العمل في مجال علم النفس، يبدو
أنه يشترك فيه المشاركون. فكل من المتعافين والمتعافين المعرضين للخطر يدركون أن
تجنب الحاجة إلى استخدام قوة الإرادة، من خلال تغيير البيئات وتجنب الإشارات الأخرى
المرتبطة بتوفر العقاقير، يشكل مفتاح التعافي الناجح. وربما يكون الفارق الأكثر
أهمية بين أولئك الذين حققوا تعافياً ذا معنى وأولئك الذين لم يحققوا تعافياً لا
يكمن في مهاراتهم أو معرفتهم، بل فيما إذا كانوا قادرين على التغلب على العقبات
المالية والاجتماعية التي تحول دون انتقالهم إلى بيئة غير مسببة للأمراض.
الخاتمة.
غالبًا ما تم وصف
الإدمان بأنه فشل في الإرادة؛ في حين تم الاعتراف منذ فترة طويلة بأهمية
نشر الاستراتيجيات التي تنطوي على الحد من تعرض المرء للإغراء في مجال العلاج
باعتبارها أمرًا بالغ الأهمية للحفاظ على الامتناع، في ضوء الاعتقاد السائد بأن
المدمنين لديهم إرادة ضعيفة، فقد يُنظر إلى الاستراتيجيات على أنها ضرورية للتعويض
عن نقص قوة الإرادة. لكن بياناتنا جنبًا إلى جنب مع الأبحاث الحديثة حول الموصوفة أعلاه تشير إلى خلاف ذلك. ليس من
الغريب على الإدمان أن الاستراتيجيات والتخطيط وتجنب الإغراء مطلوبة للنجاح
الوكيل. ليس (فقط) أولئك الذين يعانون من ضعف في قوة إرادتهم هم من يجب عليهم
استخدام الاستراتيجيات لتحقيق أهدافهم؛ بل نحن جميعًا بحاجة إلى ذلك. قد تكون
الاستراتيجيات الضعيفة أو المعدومة والفرص المحدودة أكثر أهمية من نقص قوة الإرادة
لفهم فقدان السيطرة في الإدمان.
آخر رسالة نرغب في إيصالها من خلال الحلقة؛
معلومة استفدناها من الكتاب، موجهة لكل الأشخاص والعائلات، المدمنين وغير
المدمنين. وهي أن:
"الإدمان يزدهر في ظروف الحرمان، ومفعوله يمكن إبطاله عن طريق البيئة
المشبعة والمساندة". والتي تعتبر حقيقة تم إثباتها معمليًا.
تعليقات
إرسال تعليق