القائمة الرئيسية

الصفحات

كيف تُسعد نفسك وطفلك؟ | ملخص الكتاب الذي تتمني لو قرأه أبواك - للمعالجة النفسية فليبا بيري

كل أب و أم يرغبان في إسعاد أطفالهما وتفادي إفساد حياتهم، ولكن ما هو السبيل إلى ذلك:
في هذا الكتاب المفيد والممتع تتناول المعالجة النفسية المعروفة فيليبا بيري المسائل الجوهرية في تربية الأطفال وعوضاً عن تقديم أسلوب مثالي في التربية، تقدم صورة شاملة عن مكونات العلاقة الصحية بين الطفل ووالديه؛ وهذا الكتاب البعيد عن التصنيف وإطلاق الأحكام سوف يساعدكم في فهم كيف تؤثر نشأتكم في تربية أطفالكم، وتقبل أخطائكم ومحاولة تفاديها، والتخلص من العادات والأنماط السلوكية السلبية والتعامل مع مشاعركم ومشاعر أطفالكم، كتاب ينضج بالحكمة والعقلانية وعلى جميع الآباء والأمهات أن يقرؤوه.



والآن لنبدأ:
هذه أسماء وهؤلاء أطفالها الصغار، لو كنت تسكن بجوار أسماء فإنك ستسمعها دائما وهي تصرخ في أطفالها وليس شرطاً بوجود سبب محدد لكنها دائماً منفعلةً وعلاقتها بأطفالها سيئةً جداً؛ أسماء لا تنتبه أنها ما تزال محبوسةً في علاقتها مع أهلها وتفاعلهم معها، وأنها تكرر هذا مع أطفالها حتى ردود أفعال أطفالها يمكن أن تثير بداخلها مشاعر متعلقةً بطفولتها أو تُعيد إحياء ذكريات كانت تهرب منها.

وفي حلقة اليوم سوف تسأل أسماء أربعة أسئلة بأربعة مشكلات بينها وبين أطفالها ونحن سنحل لها مشكلاتها هي وكل أب وأم يعانون مع الماضي ويؤثر في تربية أطفالهم، والآن لنرى كيف يمكن أن نتعامل مع الماضي؟ وكيف نبني علاقات صحية مع أطفالنا؟

  • كيف يؤثر الماضي فينا؟
أسماء تسألنا ما علاقة الماضي بمشكلاتي مع أطفالي؟ لكي تتعاملي مع ماضيك والطفل الذي بداخلك بشكل سليم لابد أن تكوني مقتنعة بأن الماضي يؤثر في علاقتك بأطفالك فعلاً وأن الطفل لكي يكون مؤهلاً لتأسيس علاقات إيجابية مثمرة في المستقبل، يحتاج إلى أن يحصل في طفولته وفي فترة تنشئته على الاحترام بصفته شخصاً فريداً وله قيمة من أهله ويحصل على الحب غير المشروط منهم والرعاية اللازمة ويتمتع علاقات إيجابية مع أفراد أسرته، ولو كانت طفولته عكس ذلك وهو حال معظمنا للأسف فالماضي سيسبب له اضطراباً وقلقاً عاطفياً سينعكس على علاقاته بالآخرين في الوقت الحالي ومنها علاقاته بأطفاله عندما يكبر خصوصاً وأننا لا نتعلم كيف نتعامل مع الاضطراب والقلق بشكل صحيح ومن ثم ننقلهم لأطفالنا، بالإضافة إلى أشياء أخرى مثل فقدان الثقة والتشاؤم والدفاعات النفسية التي منها التبرير مثلاً، كل هذا يمنع تدفق المشاعر فينا تجاه أطفالنا ونصبح خائفين من الانغماس في هذه المشاعر وعدم الخروج منها وفي المقابل تهتز علاقتنا بأطفالنا ولكي تحل هذه المشكلة أود أن أقول لك عندما تشعر بالغضب في علاقاتك بأطفالك أو الاستياء أو الإحباط أو الغيرة مثلاً: قف واسأل نفسك هل أخطأ الأطفال فعلاً أم أنها يمكن أن تكون ردة فعل على أمر حدث لي في الماضي؟ فلو رأينا الأب الذي رزقه الله بطفل بعد فترة من الحرمان وفجأة يجد نفسه يريد أن يترك زوجته وابنه الرضيع ويذهب!. لكن من الذي يمكن أن يدفعه لفعل كهذا؟

لو بحث الشخص في طفولته يمكن أن يجد أن الأبوة تثير فيه مشاعر يريد هو أن يتجنبها مشاعر مثل هجر والده له وهو طفل ما جعل عنده ما يشبه صندوق مليئاً بمشاعر وذكريات محبوسة بداخله وبمجرد أن يصبح أباً ينفتح هذا الصندوق وهو لا يريد ذلك فيهجر زوجته وأولاده ويهرب مع أنه لو استطاع أن يفتح هذا الصندوق أو حاول معه كان سيعرف أن ابنه يحتاج إليه ومن ثم لن يهرب منه ومن التزامه بتربيته صحيح أن علاقتك بابنك ستذكرك بالمشاعر التي كانت تنتابك عندما كنت في سن مشابهة لسنه، لأن طفلك سيذكرك بذلك باستمرار وأنت ستكون وقتها تنقل إلى طفلك المشاعر التي كنت تشعر بها في طفولتك مثل الخوف والعزلة والكره لكن لو اعترفت بالمشاعر التي بداخلك وتقبلت حقيقة أنها موجودة فيك وأنك تجاهلتها من طفولتك إلى الآن، ستفهم جيداً مشاعرك وعلاقتك بطفلك ولن تعاقبه لمجرد أن وجوده يعيد إليك ذكريات أليمة وستتحمل مسؤوليتها بدلاً من تبريرها وستبدأ في النظر إلى الطفل الذي كنت عليه في يوم من الأيام بعطف وحنان، وزيادة على ذلك يمكن أن تشعر بالفخر لأنك عرفت الطريق الذي كنت مجبر عليه والذي مررت به وجنبت طفلك المرور فيه وبدأت أيضا تغيير هذا الطريق وتنجو بنفسك، ومن ثم ستبدأ في الشعور بالارتياح مع أطفالك وستجعلهم يشعرون بالأمان وبأنك تريد أن تكون معهم.

هنا انتهت إجابة السؤال الأول لكن ما زال سؤال أسماء الثاني موجوداً وهو كيف تحل الخلافات بينها وبين أطفالها وبينها وبين زوجها أيضا؟
  • التعامل مع الخلافات داخل الأسرة:
معظم العائلات تدخل في خلافات من وقت لآخر وليس المهم هو عدم حدوث خلافات ولكن كيف نتعامل مع هذه الخلافات وكيف نحلها كي نحافظ على احترامنا لبعضنا ونجعل البيئة التي يعيش فيها الطفل آمنة ومتماسكة؟ وأساليب الهروب من المشكلة أو تجاهلها أو تقمص دور الضحية وأنك مظلوم، وتبرير كل أفعالك لن تخلق جوّا عائليا مناسبا، لكن التعامل الصحيح مع الخلافات يكون بالتالي:

أولاً: أن تعرف مشاعرك التي تخص الأمر الذي تختلفون عليه

وثانياً: أن تعرف مشاعر الطرف الثاني وتضعها في اعتبارك عند حل المشكلة، ويُعد هذا تمهيداً للتعبير عن المشاعر لأنه دون هذا التعبير سيزيد الخلاف بينكما، وستلعبون تنس وكل منكم سيرمي أسباب المشكلة من فوق الشبكة على الطرف الآخر، وسيبحث عن أكبر عدد ممكن من المشكلات والاختلافات ويرميه بها وهنا يصبح الهدف من الخلاف ليس الوصول إلى حل يرد الطرفين ولا التفاهم وتسوية الأمور بل تجميع نقاط للفوز على الطرف الثاني بأي شكل.

وثالثاً: لكي تحل خلافاتك بشكل صحيح عليك أن تركز على مسألة واحدة فقط وهي التفكير في الموضوع الذي يدور حوله الخلاف، لا تترك الخلاف حتى يكبر ثم تصب غضبك على الشخص مرة واحدة، ابدأ بتوضيح الشعور الذي تولده فيك المشكلة دون هجوم أو إلقاء للوم.

ورابع خطوة: تكلم عن نفسك وليس عن الطرف الآخر؛ استخدم صيغة الأنا عند الحديث بدلاً من رمي الاتهام على الطرف الثاني وبدلاً من توجيه تركيزك كله على الطرف الثاني فمثلاً بدلاً من قول أنت تتجاهلني عندما أتصل بك، قولي أنا أشعر بالانزعاج عندما أتصل بك ولا ترد، هذا سيجعلك تتكلمين عن نفسك وتصفين مشاعرك بدلاً من الحديث عن الطرف الثاني ووصفه والحكم عليه وعلى نواياه.

خامساً: لا تفترض معرفتك بنوايا الطرف الثاني وهذه الخطوة ستساعدك على حل مشكلاتك، فبدلاً من التخمين والافتراض وفرض أفكارك وخواطرك على الطرف الثاني، حاول أن تفهم بماذا يشعر وفيما يفكر.

أتمنى أن تكون نصف مشكلات أسماء قد حلّت فقد حللنا أول مشكلتين وسنحل الآن المشكلة الثالثة ألا وهي كيف تستطيع أن تتعامل مع مشاعر أطفالها ومشاعرها:

  • التعامل مع المشاعر:
لو نظرنا سنلاحظ أن الطفل عبارة عن كتلة من المشاعر ولا يمكننا أن نعرف دائما بما يشعر بالتحديد لذلك نبذل مجهودا في تهدئته ومنحه الحب والمجهود الذي نبذله؛ وهو ما يؤسس صحة الطفل العاطفية في المستقبل فلو تعاملت مع مشاعره بشيء من الجدية وخصوصاً في سنواته الأولى فسيشعر الطفل بالرضى وسيعرف أن الأوضاع مهما كانت سيئة فإنها ستتحسن.

سأخبرك في خطوات كيف تتعامل مع مشاعر طفلك ومشاعرك أنت أيضا:
أول خطوة: اسأل طفلك دائما بما يشعر لو كان يشعر بالألم، اسأله أين يتألم في قلبه مثلاً بسبب أن أحدهم جرحه وهكذا، الحوار والتعبير مهمان جداً بينكما، وسيسهل علاقتكما ببعضكما.
الخطوة الثانية: درّب نفسك على التعامل مع مشاعرك والاعتراف بها، والتعبير عنها بدلاً من كبتها والانفجار فجأة بعد ذلك.
الخطوة الثالثة: افصل بين المشاعر والشخص، يعني ببساطة حدد المشاعر التي تشعر بها، وعبر عنها دون اعتبارها جزءًا منك أو تعبر عن شخصيتك أو عن شخصية غيرك فبدلاً من قول أنا حزين، قل أنا أشعر بالحزن أو أظن أنك تشعر بالحزن، استخدام هذه اللغة معناه أنك تعرف المشاعر دون أن تجعلها هي أنت وأنت هي: صدقني هذه التفصيلة الصغيرة يمكن أن تؤدي بك إلى نتائج كبيرة؛ أن تفهم أن المشاعر شيء والشخص نفسه شيء آخر، هذه هي الخطوة المثالية لحل مشكلاتك.

أما الخطوة الرابعة: فتعود أن تتكلم عن مشاعرك وعن مشاعر أطفالك، هذا يساعد طفلك على معرفة هذه المشاعر والتعبير عنها ومن ثم سيخفف من أثر أي مشاعر صعبة عليه وسيساعدك أيضاً على الإقرار بمشاعره وفهمها وسيساعدكما على بناء بيئة منفتحة الكل يعبر فيها عما بداخله ولن يضطر أحد أن يحمل خزان مشاعر على ظهره لا يستطيع أن يعبر عنه لمن حوله.

أخر أمر تحتاج أسماء إلى معرفته وسألت عنه هو طريقة التعلق السليمة بينها وبين أطفالها؟

عندما ولد ابنها الصغير كانت لديه مشكلة وحجز بعيداً عنها في المستشفى فترة غير قصيرة وعندما عاد إليها كان لديها إحساس بأنه ليس ابنها أو تعرف أنه ابنها ولكنها لا تتقبله شعورياً ولا تستطيع أن ترتبط به ونتيجة لذلك كانت تبعده عنها وتعطيه لمربية أو لشخص آخر يتولى رعايته، وهذه الأمور لم تختلف إلا عندما صار ابن أربع سنوات وبدأت تتقبله عاطفياً وبدأت تتعافى من آثار صدمة بُعده عنها عند ولادته لكن طوال فترة البُعد تكونت عند الطفل ميول القلق وإرضاء الآخرين بالإضافة إلى مواجهته صعوبات في بناء العلاقات، لو فهمت أسماء من البداية أنماط التعلق لكانت تغيرت أمور كثيرة خصوصاً أن علاقتها بطفلها تعتبر حجر الأساس لعلاقاته هو بالآخرين فيما بعد.

لكن لا بأس سنقول لها الآن كيف يحدث التعلق؟ كيف تفهم أطفالها وتفهم تصرفاتها معهم؟

  • نظرية التعلق:
مبدئياً يأتي الطفل إلى الدنيا مبرمجاً على التعلق والارتباط بالآخرين وجذور تعامله مع الناس وهو كبير ترجع إلى الطريقة التي عامله بها الآخرون في طفولته وتحديداً تعامل أهله معه، لأن كل تعامل منهم يكون عند الطفل تعلقاً مختلفاً وبشكل عام لدينا أربع أنواع من التعلق أو أربع أساليب رئيسية لتشكيل الروابط في العلاقات تنتج عن تعامل الأهل مع الطفل.

أولها أسلوب التعلق الآمن: ويتكون بإشباع حاجة الطفل للرعاية بشكل دائم أي عندما يحتاج إلى شيء يطلب ممن حوله أن يلبوها له ولا يتأخرون هم عن ذلك ومن ثم يثق فيهم وفي قدرتهم على التفاهم معه ويحس بالتفاؤل ويستطيع الارتباط بالآخرين بسهولة يتمنى كل أب و أم أن يتمتع ابنهم بهذا الأسلوب لذلك من المهم جدا أن تفكر في أسلوب تعلقك بالأشخاص الذين قاموا على تربيتك، لأن الرابط بينك وبينهم لو لم يكن آمناً فأنت تحتاج إلى أن تفكر بوعي وتأنٍ في الطريقة التي ستعامل بها طفلك حتى يشكل أسلوب التعلق الذي لم يكن متوافراً لك في طفولتك.

الأسلوب الثاني في روابط العلاقات هو التعلق غير الآمن: ويتكون في حالة عدم تلقي الطفل الاهتمام الكافي والمنتظم في طفولته ويجعله لا يثق في تلبية من حوله لاحتياجاته ولن يتقبل إمكانية إقامة العلاقات بشكل سهل وطبيعي وسيكبر وهو مُعتقد أنه مُضطر إلى الصراخ لطلب الاهتمام وأن الصراخ هو الطريقة الوحيدة لإثبات وجوده، ورغم أن التجارب الأولى تترك بصمة قوية على الإنسان لكن يمكن للشخص أن ينمي أسلوب التعلق الآمن بالتدريج، بدلاً من أسلوب التعلق غير الآمن الذي حدث في البداية مثل ما تحاول أسماء الآن مع ابنها.

لكن يوجد أسلوب ثالث وهو التعلق الاجتنابي: وفيه يطلب الشخص الاهتمام لوقت طويل ولا يلبي أحد نداءه ومن ثم يتوقف عن طلبه ويتجنب المحاولة حتى لذا سمي اجتنابياً، الشخص ينظر إلى نفسه على أنه شخص وحيد ولن يفهمه أحد ولا يحتاج إلى مساعدة أحد مشكلة هذا الأسلوب في نفور الشخص من الذين يحاولون أن يتقربوا منه ورفضه لمساعدتهم بل عدم معرفتهم أن هذا الشخص يحتاج إلى المساعدة أصلا لأنه لم يطلب أو لم يبين أنه يحتاج إلى المساعدة لكنه مثل التعلق غير الآمن يستطيع الشخص أن ينمي أسلوب التعلق الآمن بأن يجرب كثيراً وبالتدريج.

آخر أسلوب هو أسلوب التعلق الإقصائي: وهنا بدلاً من تلبية المحيطين بالشخص لاحتياجاته ومتطلباته فإنهم يطلبون منه أن يُلبي احتياجات غيره وإلا فإنهم يسيعون معاملته، أو لا يقدمون له أي مساعدة أو يتسببون في إيذائه؛ هذا النمط يكون واضحاً مثلاً في حالة البنت الصغيرة التي أنجبت أمها طفلاً وتطلب من ابنتها أن تعامل هذا الطفل على أنها أمه وترعاه لن تطلب هذا بشكل مباشر لكنها ستذهب إلى العمل مثلاً وتترك الطفل الصغير مع البنت فلا تكون مجرد أخت وطفلة تحتاج إلى رعاية في نفس الوقت لكنها تأخذ دور الأم.

كل طفل من أطفال أسماء لديه نمط تعلق يؤثر في علاقته بمن حوله وأسماء أيضاً لديها نمط تعلق من صغرها يؤثر في علاقتها الآن وتنقله إلى أولادها دون أن تشعر لو استطاعت أن تفهم نمطها وأنماط أولادها ستستطيع أن تتعامل معهم بطريقة غير التي تربت عليها وتحقق لهم الأمان الذي لم تحصل عليه في بيتها بدلاً من ترك نفسها للظروف ولأشياء قديمة مخيفة تتحكم فيها وفي مستقبل علاقتها بأولادها.





تعليقات